أمنية ورقة
أبو يحيى
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين :
(لما تقاربت سن النبي
سلم
من الاربعين حبب إليه الخلاء فكان يذهب إلى غار
حراء في جبل النور فيقيم فيه شهر رمضان ويقضى وقته هناك
بالعبادة والتفكر فيما حوله وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد
الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية ,,,,,,,
أول ما بدئ الوحي على المصطفى كان بالرؤيا الصالحة
حتى جاؤه الحق من جبريل عليه السلام وقال له :
(( أقرأ : ما أنا بقارئ ...... الحديث المعروف ))
فرجع إلى زوجه الرؤوم خديجة - رضي الله عنها -
فقال : ( زملوني , زملوني ) فانطلقت خديجة حتى أتت
ورقة بن نوفل ابن عم خديجة فقالت له اسمع من ابن اخيك
فقال له ورقة : (( هذا الناموس الذي نزله الله على موسى
يا ليتني فيها جَذعَاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك
فقال الرسول : أو مخرجي هم
قال : نعم , لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي
و إن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزرا ً) *.....
ترجمة :
هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
_____
الاختلاف في تمسكه بالنصرانية أو اعتناقه الحنيفية :
ظاهر النصوص أنه رجل تنصر في الجاهلية
لكن هناك أدلة كثيرة أنه كان معتنقا ً للحنيفية ( ملة إبراهيم - عليه السلام -)
ومنها :
1- ومما يدل على اعتناق ورقة للتوحيد قوله لبعض أصحابه الذين
رفضوا عبادة الأصنام : ” تعلمون ،
والله ماقومكم على دين ، ولقد أخطأوا الحجة ،
وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به ؟
لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا ينفع ، ولا يضرُّ ،
يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين
” ( البداية والنهاية 2/ 341 )
2- وهذا هو ما رواه الإمام البزار بإسناده
من طريق الشعبى عن جابر رضى الله عنه
في حديث ذكر فيه قصة سؤالهم رسول الله
سلم
عن زيد بن عمرو بن نفيل ،
وورقة بن نوفل . وفيه أن زيد بن عمرو بن نفيل
كان يستقبل القبلة ،
ويقول : (( دينى دين إبراهيم ، وإلهى إله إبراهيم ” ،
و ” ورقة بن نوفل كان يستقبل القبلة ويقول :
إلهى إله زيد ، ودينى دين زيد ” – كشف الأستار 3/281 ))
3- ومن الأدلة القوية على اعتناقه الحنيفية - من ظاهر الاقوال -
وتعلمه كتب اهل الكتاب فقط للاستبصار
وعدم تمسكه بالنصرانية قوله للنبي -
سلم -
(( هذا هو الناموس الذى نزّل الله
على موسى - عليه السلام - ( صحيح البخارى 1/4 )
وجه الاستدلال : لو أنه كان نصرانيا ً لقال على عيسى
- عليه السلام- لاستحضاره .
ولم يذكر في كتب الآثار ولا السير أنه دافع عن النصرانية
وعن رجالاتها.
والله أعلم .
__________________
أمنية ورقة
وهذا سبب كتابة هذه الرسالة
كانت أمنية ورقة بن نوفل
(( يا ليتني كنت فيها جَذعَاً
و إن يدركني يومك انصرك نصرا ً مؤزرا ً ))
فعلا ً هذا ما نحتاجه في هذه الايام ان نغرس في شبابنا
وفي هذا النشء نصرة الدين ونصرة المصطفى
نحاول زرع في نفوسهم علو الهمة بعيداً عن
الترهات وسفاسف الأمور.
المتأمل في حال الشباب هذه الايام يراهم قد اشتغلوا بسخائف
ما نزل الله بها من سلطان .
كورة , بلاي ستيشن , مسلسلات , افلام, اغاني
معاكسات , انترنت بلا فائدة .....الخ
ناهيك عما خرج لنا في هذه الايام من نتاج لشباب ملتزم
هزيل جل همه في السخافات ويعتبر نفسه انه يخدم الامة
وهذا الموضوع سأفرده برسالة قادمة - إذا الله أحيانا -.
عندما تمنى ورقة بن نوفل أمنيته تذكرت هموم شبابنا
وما يحل في أمتنا من مآسي
شااااب يبكي والسبب
ناديه خسر في المبااااارااة!!!!!
خليلته فارقته وعشقت شاباً آخر ....
ليتهم بكوا تأثراً من القرآن أو من حال إخواننا في غزة
ليتهم ,, ليتهم .........
وقفة أمل :
تنشرح الصدور وتفرح القلوب
عندما نرى بعض الشباب قد ارتادوا الحلق القرآنية و نهلوا من
العلم الصافي من علماؤنا الربانيين وقد ثنوا للمشايخ الركب
ونقول لهم:
يا شباااب فيكم الامل .....
_____________
بعض الوقفات من قصة
ورقة بن نوفل
1- البحث عن الحقيقة الخالصة الصافية بتجرد من الانحيازات
ويتبادر لذهني قصة ( الصحابي الباحث عن الحقيقة ) سلمان الفارسي
- رضي الله عنه - وارتحاله في الامصار بل الاشد من ذلك جعله رقيقا ً
لاحد اليهود ولم يمنعه ذلك من بحثه عن الحق .
2- العلم وأثره فما كان لورقة أن يتنبؤ أن الرسول -
سلم -
سيكون نبي الأمة إلا بقرائته للكتب والاستزادة من العلم على يد الأحبار ..
قال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}(محمد 19)
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلم دَرَجَاتٍ}(المجادلة 11)
{إنَّما يخشى اللـهَ مِنْ عِبادِهِ العلماءُ}(فاطر 28)
{هل يستوي الذين يعلمونَ والذين لا يعلمونَ}(الزمر 9)
3- اسداء النصائح وخلاصة التجارب والمعرفة ففي قول ورقة للنبي
(ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك فقال الرسول : أو مخرجي هم
قال : نعم , لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي )
فالتاريخ يعيد نفسه وكم لنا وقفات وعبر في الأمم السابقة
فيذكر الله عز وجل لنا ما حدث للهالكين ممن سبقنا
وكان لنا في قصصهم عبرة فهي خلاصة التجربة
وقول شعيب - عليه السلام - لقومه :
{وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ
أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (هود - 89)
وهذا كثير في كتاب الله وسنة المصطفى
عن أبي هريرة بلفظ: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". رواه أحمد
والمتأمل في كتب السير والدول فإنه يتكرر بتغيير المسميات فقط.
4- علو همة ورقة بن نوفل - هذه محور الرسالة -
مع أنه أصبح شيخا ً كبيرا ً وقد عمي إلا أنه تمنى أن يعود شاباً
لينصر النبي -
سلم -
فقل لِمُرَجِّي معالي الأمور *** بغير اجتهاد رجوتَ المحالا
ونقل ابن قتيبة عن بعض كتب الحكمة :
" ذو الهمة إن حُطَّ، فنفسه تأبى إلا عُلُوّاً،
كالشعلة ِ من النار يُصَوِّبُها صاحبها، وتأبى إلا ارتفاعا "
وهذا ما يحتاجه شبابنا شحذ الهمة إلى معالي الأمور.
_____________
* منقولة بتصرف من الرحيق المختوم
لمؤلفه صفي الرحمن المباركفوري
الخاتمة : أسال الله العظيم رب العرش الكريم
أن يهدي الشباب ويردهم إلى الدين ردا ًجميلاً
إنه ولي ذلك والقادر عليه ......
وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين