19 يونيو 2010:
بقلم: عز الدين الكلاوي
--------------------------------------------------------------------------------
ربما يدرك الايطالي فابيو كابيلو المدير الفني للمنتخب الانجليزي الآن ، وبعد الدرس الجزائري في كيب تاون الذي وقع خلاله في فخ التعادل السلبي ، أن انتقادات القيصر الالماني بيكنباور لمستوي أداء الانجليز عقب مباراة الولايات المتحدة لم تكن من فراغ ، وان اتهامه للاعبي انجلترا بالعودة إلي طريقة "كيك اند راش " القديمة ومعناها ( اضرب الكرة واجر) ، لم يجانبها الصواب كلية ، فقد غضب كابيلو وأنحي باللوم علي بكنباور ، واتهمه واين روني بمحاولة النيل من معنويات الانجليز خوفاً من مواجهتهم المحتملة في الادوار اللاحقة .. وبعد ان نجح الجزائريون في اصطياد تعادل بطعم الفوز من انجلترا ، يحق لبيكنباور أن يؤكد صحة انتقاداته وعلي الانجليز أن يبحثوا عن حل سريع لمشاكلهم قبل أن يفاجئوا جماهيرهم بخروج مبكر ومخزي من الباب الخلفي للمونديال الافريقي!.
فتح الجزائريون باب الامل علي مصراعيه لفريقهم ، ووضعوا بصمتهم في مونديال جنوب افريقيا من خلال تعادل ، وإن كانوا لم يفوزوا أو يسجلوا هدفاً ، ولكن يكفيهم جرأة المواجهة والثقة بالنفس وإثبات ان الانسان العربي والمسلم ليس بأقل من الاوروبي الذي نشأ وتربي في أوساط احترافية متكاملة والذي اكتملت تدريباته وعملية إعداده تقنياً في أجواء أرقي تكنولوجيا رياضية في العالم ، استحق الجزائريون إشادة الجميع بما أثبتوه علي أرض الملعب من قدرات وامكانات ، ويكفيفهم أن يكون عنوان موقع الفيفا تعليقاً علي المباراة ( الجزائرتحبط منتخب إنجليزي بلا أنياب ) .
ومن المؤكد أن رابح سعدان المدير الفني للجزائر نجح في تجهيز لاعبيه نفسيا وفنيا وبدنيا ، فتبادلوا اللعب والسجال مع المنتخب الانجليزي ، ولم يهابوا الموقف ، ولم يسمحوا للانجليز بتهديد مرماهم بالشكل الذي توقعه خبراء الكرة العالمية الذين رشحوا الانجليز لاحراز فوز سهل ، وفي الشوط الاول فؤجيء الانجليز بقوة وثبات الجزائريين وحسن انتشارهم ،وبالتالي لم يسيطروا ، ولم يشكلوا خطورة تذكر ، ولو اهتم الجزائريون بالتركيز الهجومي من خلال زيادة عدد المهاجمين وأفلحوا في حسن إنهاء الهجمات ، لكان يمكن لهم انتزاع الفوز ، ورغم وصول أكثر من كرة نحو مرمي الجزائر ، إلا ان الحارس الجزائري الجديد رايس مبولحي ، كان بالمرصاد وخصوصاً الكرة التي سددها لامبارد من داخل منطقة الجزاء ، ويبدو أن قرار المدرب رابح سعدان بالدفع به بدلاً من شاوشي ، كان في محله تماماً ، لانه امتاز بالثبات وسرعة رد الفعل واعتقد أنه سيحرس مرمي فريقه في المباراة الحاسمة امام الولايات المتحدة .
وبعيداً عن كل شيء ، فإن المنتخب الجزائري كان سفيرا عربيا مشرفا لبلاده ووطنه العربي ، واستحق ان يظل حتي اللحظة الاخيرة باقياً في المونديال ومحتفظاً بأمل التأهل وان كان رصيده نقطة واحدة ولا يزال في المركز الاخير في مجموعته ، ولن ينفع الفريق الجزائري سوي تحقيق الفوز في مباراة الولايات المتحدة ، مع احتمالات أخري سنناقشها بالتفصيل في وقت لاحق ، خاصة بعد تعقد الموقف في المجموعة وتقارب الترتيب بعد تعادل الولايات المتحدة مع سلوفينيا 2/2 في مباراة مثيرة أظهر فيها الفريق السلوفيني وجهاً مشرقاً وتقدم بهدفين ، لكن الامريكان تمكنوا من العودة وتعويض الهدفين ، مؤكدين علي أنهم الاخطر في هذه المجموعة مع احترامنا لصدارة السلوفينين ، وسمعة الانجليز وجسارة الجزائريين، ولكن يبدو ان كل شيء يمكن ان يحدث والتأهل لدورال 16 يبقي متاحاً للجميع حتي صافرة النهاية لاخر مباراتين في المجموعة .
ويبدو أن باب المفاجأت الذي انفتح بعد فوز سويسرا علي اسبانيا ، لن يغلق حتي إشعار آخر ، حيث تكررت أمس ( الجمعة ) مفاجأة أخري من العيار الثقيل ، كان ضحيتها المنتخب الالماني الذي كان الابرز في الجولة الاولي بفوزه الساحق علي استراليا بأربعة أهداف نظيفة ، ولكن كما قلت لكم من قبل أن هذا الفوز كان مخادعاً ، لان المنتخب الاسترالي كان ساذجاً ، ولعب مباراة مفتوحة استغل خلالها الالمان الفرصة لتجريب حيويتهم وإرهاب منافسيهم ، الامر الذي لم ينطل علي منتخب صربيا ومدربه رادومير انتيتش ،فلعبوا مباراة متحفظة أغلقوا خلالها خطوطهم ، وتمركزوا في الدفاع بثمانية لاعبين مع الاعتماد علي الهجمات المرتدة بنفس الطريقة التي لعب بها السويسريون امام الاسبان ، ومع فشل الالمان في التسجيل رغم سيطرتهم وفرصهم العديدة ، استغل الصرب طرد كلوزه وارتباك الالمان وسجلوا هدفا خاطفاً ، فشل الالمان في تعويضه ، وأضاعوا عدة فرص خطرة ومنها ضربة جزاء فشل بودولسكي في استثمارها ، ودافع الصربيون بشكل راق ، وهاجموا بطريقة الهجوم خير وسيلة للدفاع فارتدت لهم أكثر من كرة من العارضة والقائم .
وعموما ، ورغم خسارة الالمان ، فإنني أنظر إليهم مثل نظرتي الي اسبانيا ، فهم لا زالوا مرشحين ، ليس فقط للتأهل الي دور ال16 ، وإنما للمنافسة علي كأس