كنتُ عائداً من ملعب الحي والذي لا يبعد عن منزلي كثيراً حين صادفتُ جدتي في طريق عودتي
قبيل المغرب بقليل.. توقفتُ للسلام عليها وتقبيلها على رأسها كعادتي حين ألتقيها.. لكن هذه المرة فعلتُ ذلك
على عجل وعدتُ لورائي خطوة لكي لا تشتم جدتي رائحة العرق المنبعثة من جسدي بعد تمرين حافل بالجهد والعناء..
اعتذرتُ منها بلطف موضحاً لها السبب.. ابتسمَتْ جدتي وهي تعاتبني بشيءٍ من الحنان والحزم: (يا بنيّ.. الرجل لا يكون
رجلاً حقيقياً إلا برائحة عرقه.. وأعلم أن الرجل لا يعيبه مظهره ولا رائحته.. بل إن الرجل الكادح هو أقرب لقلب المرأة من الرجل
المتنعّم المنغمس في راحته وتهذيب مظهره) فابتسمتُ لها وأنا أهمس بالقرب من أذنها: (ذاك زمنٌ مضى يا جدتي.. ففتاة اليوم
تشترط في فتاها أن يكون أنيقاً حسن المظهر وأهم من ذلك أن تكون رائحته زكية)..
هزت جدتي رأسها مستنكرةً هذا الحال وأدارت ظهرها لي مكملةً طريقها وهي ترثي في نفسها هذا الزمن وأهله..