باحث وليدعـــضــو مــمــيز
معلومات اضافية
تاريخ الإنضمام : 18/05/2009 عدد المشاركات : 2358 العمر : 44 قوة السمعة : 8 قوة النشاط : 3003 الإقامة :
| موضوع: التربـــــــــــة الحمراء . الأربعاء يوليو 08, 2009 8:40 pm | |
| كان الفصل ربيعا ... السماء رائقة مؤتلقة , الحرارة مرتفعة أكثر من معدلها الفصلي , ومع ذلك فقد سار العمل على وتيرة واحدة منذ الصباح الباكر ...طابور طويل من الرجال على مختلف أعمارهم و أحجامهم .. أصوات مبهمة متداخلة تصدر من هنا و هناك , فؤوس كثيرة تعلو الهامات ثم تهوي على الأرض دفعة واحدة ..يالله يا جماعة .. لم يبق إلا القليل .. ساعة أو ساعتان و ينتهي كل شيئ ..؟واسترعى انتباهي شاب نحيف , كان قد تأخر عن الصف بعدة خطوات , وقف ينظر إلى الأرض في وجوم .اسمع يا هذا .. ماذا تفعل هناك ؟. هيا إلى العمل , فقد تأخرت عن الاَخرين ..ولم يجبني بأية كلمة .. وبدا كأنه لم يسمع كلامي مطلقا , حيث أستمر يحدق في التربة الحمراء أمامه في ذهول ..و جاهدت للسيطرة على أعصابي المتوترة , ثم دنوت منه متلطفا ..؟. قل يا صاحبي .. ماذا أصابك ؟ هل أنت مريض .. ؟ هل ضيعت شيئا ؟؟ وفي هذه المرة كذلك , لم ينبس بأية كلمة , بل أنحنى على الأرض , وملأ حفنته ترابا , ثم راح يتملاه برهبة وخشوع , ويعصره بعصبية وتشنج . واحترت فيما أفعل ..وشعرت بما يشبه التمزق بين ضلوعي , فيما كان باقي العمال واقفين يرقبون المشهد من بعيد .هيا .. مذا جرى .. عودوا إلى العمل من فضلكم .؟وأنكبت الرؤوس ثانية .. وعادت الفؤوس تهوي على الأرض من جديد , وألتفت إليه . كان يحملق في التربة كالمسحور , وهو يتمتم في شروذ .., أنظروا .. أنظروا هذه الحمرة القانية .. إنها الدماء .. دماء أمي ..؟ وكأنه أحس بدهشتي وأرتباكي , فرفع إلي وجها شاحبا علقت به ذرات من القش و التراب , ثم قال فيما يشبه النحيب :صدقني يا سيدي .. إنها الدماء , دماء أمي .. كنت يومها صغيرا .. لم أكمل عامي السابع على وجه التحديد .. ولكن صغر سني لم يحل دون إدراكي الحقيقة كاملة , وتذكرها بكل التفاصيل .. كما لم يمنعني من الشعور بالحقد و الكراهية تجاه عساكر العدو وكلابه ..لشدت ما كنت أبغضهم , لأنهم كثيرا ما كانوا يدخلون بيتنا فيقلبونه رأسا على عقب , وكثيرا ما كنت أسمع أمي تسبهم , وتبصق من وراء ظهورهم , وتصفهم بأنهم أعداء الله و الرسول , أما أبي فقد يلجأ إلى غابة مجاورة كلما سمع بمقدمهم , وربما لهذا السبب كذلك كان لا يبيت معنا في المنزل . لست أدري أين كان يقضي الليل , ولكن أمي كانت تقول " إنه في السوق " وتكرر ذلك مرارا لجنود العدو و الذين لم يكن لمجيئهم أو ذهابهم وقت معين ..وأذكر ذات صباح أنني استيقضت من النوم مذعورا وأنا أحتضن ساق أحد العساكر , كان يقف فوق فراشنا , ويصوب إلينا فوهة رشاشه . وانتفضت خائفا , وشعرت بالخجل , ثم بيد أمي تشد على ساعدي , وتجدبني نحوها , وصرخ الجندي غاضبا , وسحب عنا الغطاء , وهو يأمرنا بمغادرة المنزل , وأحسست بموجة من البرد تلسع جسدي و أنا أجتاز الباب , حيث شاهدت جنديين اَخرين يقفان بجانب سيارة عسكرية ....... يتبع |
|
الزعيممؤسس المنتدى
معلومات اضافية
تاريخ الإنضمام : 21/07/2008 عدد المشاركات : 11098 العمر : 32 قوة السمعة : 52 قوة النشاط : 14391 الإقامة :
| موضوع: رد: التربـــــــــــة الحمراء . الإثنين يوليو 13, 2009 10:41 pm | |
|
مشكووووووووووور أخي على الموضوع الممتاز واصل الإبداع ننتظر المزيد |
|
مسعود أوزيلعـــضــو مــمــيز
معلومات اضافية
تاريخ الإنضمام : 23/01/2009 عدد المشاركات : 1449 العمر : 29 قوة السمعة : 4 قوة النشاط : 1415 الإقامة :
| موضوع: رد: التربـــــــــــة الحمراء . السبت يوليو 18, 2009 9:23 pm | |
| |
|