الكريم الأكرم جل جلاله الكريم الأكرم جل جلاله
خالد بن محمد السليم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أكرم خلقه أجمعين وبعد
فالله سبحانه سمى نفسه بالكريم في موضعين من كتابه وبالأكرم في موضع واحد
فكم في الدنيا والآخرة من شواهد كرمه وجوده فهو الذي عم الجميع فضله
وإحسانه , وواصل على المخلوقات بره ونواله , بل كل ما في الكون إنما هو من
شواهد جوده وإكرامه فهو الذي يعطي بغير حساب , وينعم وإن جحد به الجاحد ,
ويسدي بفير سؤال فكم نعمة أجراها لخلقه فبل سؤالهم , فأحسن صورهم , وأغدق
أرزاقهم ,وحملهم في البر والبحر , قال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلاً)[الإسراء:70]، الذيلاينفدعطاؤه ولا ينقطع نواله ، وهو الذي
تعددت نعمه على عباده بحيث لا تحصى.
فهو سبحانه أكرم الأكرمين فليس في الوجود كريم يسمو إلى كرمه ولا إنعام
يرقى إلى إنعامه ولا عطاء يوازي عطاءه ، فما أكرمه سبحانه [1] ، (وَإِنْ
تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )[النحل:18] .عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ( يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ ) [2] ومن
شواهد كرمه قبوله العمل من عبده المخلص له على يسره وقلته وينميه له
ويشكره عليه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ تَصَدَّقَ
بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا
الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا
لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ
الْجَبَلِ )[3] , والحسنة لا تكون عنده إلا عشرا ويضاعف إلى سبعمائة ضعف
لمن يشاء فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ ( جَاءَ رَجُلٌ
بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ بِهَا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ )[4]ويعطي من
يخصهم بفضله إلى ما لا نهاية فيزيدهم على السبعمائة مع ما يكرمهم به من
سعة أرزاقهم , وانشراح صدورهم , وطيب عيشهم, فإذا كان هذا عطاؤه في الدنيا
فكيف سيكون عطاؤه لأوليائه في دار كرامته قال تعالى (و َمَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[5]
قال بن القيم :"فالله سبحانه غني حميد كريم رحيم , فهو محسن إلى عبده مع
غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر , لا لجلب منفعة إليه سبحانه ولا
لدفع مضرة , بل رحمة وإحسانا وجودا محضا . فإنه رحيم لذاته محسن لذاته
جواد لذاته كريم لذاته , كما أنه غني لذاته قادر لذاته حي لذاته , فإحسانه
وجوده وبره ورحمته من لوازم ذاته لا يكون إلا كذلك كما أن قدرته وغناه من
لوازم ذاته فلا يكون إلا كذلك وأما العباد فلا يتصور أن يحسنوا إلا
لحظوظهم"[6]
ومن معاني اسم الله الكريم سبحانه شرف الذات وعلو القدر , ومن معانيه أيضا أنه قابل للمعذرة , عفو عن الزلات , غافر للسيئات
"وهو سبحانه ذو الجلال والإكرام أي ذو العظمة والكبرياء والمجد الذي يعظم
ويبجل ويجل لأجله والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود الذي يكرم أولياءه
وخواص خلقه بأنواع الإكرام الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه ويعظمونه ويحبونه
"[7]
الآثار
منها أن يقابل كرمه بشكره , وطاعته والتذلل له وهذا والله ليس بالأمر
الهين ولا يوفق الله إليه إلا القلة الذين قال الله فيهم (وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبَادِي الشَّكُور ) [سبأ :ُ 13 ]. أما عامة الخلق فأعرضوا وتناسوا
المنعم الكريم (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ) [غافر :61 ]
ومنها الحذر الشديد أن يكون كرمه سبحانه على عبد من عباده سبب لمعصيته له
فلا يعصيه بنعمه ولايغتر بإكرام الله له بالنعمة قال تعالى : (يَا
أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم ِ) [العلق : 6 ]
فتأمل كيف جاء هذا الاسم لله في هذا الموضع ؛ فال ابن كثير
"لأنه إنما أتى باسمه الكريم لينبه على أنه لا ينبغي أن يقابل الكريم
بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور مع أنه قادر على خلق النطفة على شكل قبيح
من الحيوانات المنكرة الخلق ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن
مستقيم معتدل تام حسن المنظر والهيئة " [8] وقال ابن القيم "غره بربه
الغرور وهو الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه وأتي سبحانه بلفظ
الكريم وهو السيد العظيم المطاع الذي لاينبغي الاغترار به ولا إهمال حقه
فوضع هذا المغتر الغرور فى غير موضعه واغتر بمن لاينبغي الاغترار به"[9] .
فهو سبحانه ذو الجلال والإكرام فهو أهل أن يجل فلا يعصى وأن يطاع فلا
يخالف [10].
يا كاتم الذنب أما تستحي والله في الخلوة ثانيكا غرك من ربك إمهاله وستره
طول مساويكا وقال ذو النون المصري :"كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر "
يا من غلا في العجب *** والتيه وغره طول تماديه
أملى لك الله فبارزته *** ولم تخف غب معاصيه
وليس الإنعام الدليل على الرضا والمحبة بل هو ابتلاء يستوجب الشكر والطاعة
، قال تعالى : (فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ
فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا
ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَن كَلا
)[الفجر:17]، وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال
: ( فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ أي فُلْ : أَلَمْ أُكْرِمْكَ
وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ
وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ ؟فَيَقُولُ : بَلَى قَالَ فَيَقُولُ :
أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِىَّ ؟ فَيَقُولُ : لاَ ، فَيَقُولُ :
فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ) [11] .
ومنها أن يسعى العبد أن يكون ممن أكرمهم ربهم ولم يهنهم فليس ثمة إلا مكرم
ومهان قال تعالى : ( وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج :18 فالإكرام الحقيقي هو إكرام
الله بالتوفيق للإيمان ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات:13] ، وعند البخاري من حديث أبي
هريرة رضي الله عنه : ( قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ أَكْرَمُ
النَّاسِ ؟ قَالَ : أَتْقَاهُمْ ، فَقَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا
نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَيُوسُفُ نَبِي اللهِ ابْنُ نَبِي اللهِ ابْنِ
نَبِي اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ ، قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا
نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَ خِيَارُهُمْ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا ) [12] .
ومنها الدعاء والتمجيد لله بهذا الاسم فقد ورد الدعاء بالاسم المطلق عند
البيهقي في أصح الروايات عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يدعو في السعي
: ( اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ ) [13] ،
وفي رواية أخرى : ( اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ
، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [14] ، وقال الشيخ
الألباني : ( وإن دعا في السعي بقوله : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز
الأكرم فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف ) [15] ،
ومن الدعاء بالوصف ما رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني من حديث عمرو بن
العاص رضي الله عنه أن النبي كان إذا دخل المسجد قال : ( أَعُوذُ بِالله
العَظِيمِ ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ ، وَسُلطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ
حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليَوْم ) [16] ِ.
ومن التمجيد له سبحانه بهذا الاسم أن يذكر نفسه بعد كل صلاة فريضة بأنه
سبحانه ذو الجلال والإكرام كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة قالت ( كان رسول
الله
سلم إذا سلم لا يقعد يعني بعد الصلاة إلا بقدر ما
يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام )
ومنها : أن من عرف ربه بهذا الكرم أحسن ظنه فلا يخشى على نفسه فقرا أبدا ،
و لا يلوم قدرا و لا يذل لمخلوق كائنا من كان بل يسارع عند النوازل
والكروب والضائقات المالية والنفسية إلى من أن يمينه ملأى سحا الليل
والنهار
ومنها : أن يتحلى بوصف الكرم والسخاء ، والجود والعطاء لأنه يحب من عباده الكرماء
قال ابن القيم : "ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة اليه
بزمامه وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له فانه
سبحانه رحيم يحب الرحماء كريم يحب الكرماء عليم يحب العلماء " [الجواب
الكافي ص44 ]
"ولمحبته لأسمائه وصفاته أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل
والإحسان والبر ولما كان سبحانه يحب أسماءه وصفاته كان أحب الخلق إليه من
اتصف بالصفات التي يحبها وأبغضهم إليه من اتصف بالصفات التي يكرهها فإنما
أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأن اتصافه بها ظلم إذ لا تليق به
هذه الصفات ولا تحسن منه لمنافاتها لصفات العبد وخروج من اتصف بها من ربقة
العبودية , وهذا خلاف ما تقدم من الصفات فإنها لا تنافي العبودية بل اتصاف
العبد بها من كمال عبوديته إذ المتصف بها من العبيد لم يتعد طوره ولم يخرج
بها من دائرة العبودية " [طريق الهجرتين ص215 ]
ورتب الله على النفقة والبذل أجورا عظيمة وهي لا تنقص من المال شيئا بل
تزيده ؛ كما أخبر النبي
سلم , وهي أيضا مخلوفة على العبد ؛
فلينفق العبد وهو يوقن بالخلف من الله ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) [سبأ : 39] , وسخر الله
لمن أنفق ملكين يدعوان له بالخلف من الله فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
سلم قَالَ:( مَا مِنْ
يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ
أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ
اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )
وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ:( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ
اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ
امْرَأَتِكَ ) [متفق عليه ]
وتكفل الله لمن أنفق أن ينفق عليه كما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ
سلم قَالَ :( قَالَ
اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ
)
كان خالد بن عبد الله الطحان يخرج في كل شهر نفقة عياله ويخرج للصدقة مثل
ذلك فإن نفدت دراهم الصدقة تصدق من نفقة عياله وإن نفدت النفقة قبل الصدقة
أمسك [تاريخ واسط ص136]
قال ابن القيم : "ومن عامل خلقه بصفة عاملة الله تعالى بتلك الصفة بعينها
في الدنيا والاخرة فالله تعالى لعبده على ما حسب ما يكون العبد لخلقه"
[الوابل الصيب ج1/ص54 ] .
ولذا كان النبي أكرم الخلق فعند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه : ( أَنَّ
رَجُلاً سَأَل النَّبِيَّ
سلم غَنَمًا بَيْنَ جَبَليْنِ ؟
فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ؛ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَال : أَيْ قَوْمِ أَسْلمُوا
فَوَ اللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا ليُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الفَقْرَ ؛
فَقَال أَنَسٌ : إِنْ كَانَ الرَّجُل ليُسْلمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ
الدُّنْيَا فَمَا يُسْلمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلاَمُ أَحَبَّ إِليْهِ
مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَليْهَا ) .
َوأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ
سلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنْ النَّعَمِ
ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً قَالَ صَفْوَانََ وَاللَّهِ لَقَدْ
أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ
سلم مَا أَعْطَانِي وَإِنَّهُ
لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ
لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ [رواه مسلم] سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ يَقُولُ (مَا سُئِلَ النَّبِيُّ
سلم عَنْ شَيْءٍ
قَطُّ فَقَالَ لَا) [متفق عليه ]
وكان الليث بن سعد سريا من الرجال نبيلا سخيا وكان دخله في كل سنة ثمانين ألف دينار ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط
قال شعيب بن الليث بن سعد : خرجت مع أبي حاجا فقدم المدينة فبعث إليه مالك
بن أنس بطبق رطب قال فجعل على الطبق ألف دينار ورده إليه . و كتب مالك إلى
الليث إني أريد أن أدخل ابنتي على زوجها فأحب أن تبعث إلي بشيء من عصفر
فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا فصبغ لابنته وباع منه بخمس مائة دينار وبقي
عنده فضلة . وسألت امرأة الليث بن سعد منا من عسل فأمر لها بزق فقال له
كاتبه إنها سألت منا فقال إنها سألتني على قدرها فأعطيناها على قدر السعة
عندنا . [تهذيب الكمال (جزء 24 - صفحة 274 )]
ومنها : أن يحذر البخل والشح ويجاهد ويجتهد ليقيه الله شح نفسه وحينئذ
سيكون من المفلحين قال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) وكيف
يبخل المسلم وليس البخل منع الآخرين وإنا هو في الحقيقة حرمان الانسان
نفسه من الخير ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ
عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ
تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا
أَمْثَالَكُمْ )[محمد :38 ]
وأشد البخل في منع ما وجب لله أو وجب لخلقه وقد توعد الله عليه بالوعيد
الشديد ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا
يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)
يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا
جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ
لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ) [ التوبة :35 ]
ومن منع حق الأجير كان خصما لله تعالى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ
سلم َ قَالَ :( قَالَ
اللَّهُ ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى
بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ
اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ )
[البخاري ]
------------------------------------
*/ عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم . قسم السنة
[1] انظر شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص278 ، وتفسير الأسماء الحسنى
للزجاج ص50 ، والمقصد الأسنى للغزالي ص105 ، والبيهقي ص73 ، والمفردات
ص707 .
[2] متفق عليه
[3] متفق عليه
[4] رواه مسلم
[5] سورة غافر : آية 40
[6] طريق الهجرتين 105
[7] تفسير السعدي 830
[8] تفسير ابن كثير ج4/ص482
[9] الجواب الكافي 13
[10] تفسير ابن كثير ج4/ص274
[11] مسلم في الزهد والرقائق 4/2279 (2968) .
[12] البخاري في أحاديث الأنبياء ، باب قول الله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا 3/1224 (3175) .
[13] البيهقي في السنن كتاب الحج ، باب الخروج إلى الصفا والمروة 5/95 (9134) .
[14] البيهقي في السنن كتاب الحج ، باب القول في الطواف 5/84 (9070) .
[15] مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس بها من البدع ص26 .
[16] أبو داود في الصلاة ، باب يقوله عند دخول المسجد 1/127 (466) صحيح الترغيب (1606) . انظر كتاب الدكتور الرضواني 5/94 ,
156