البروبجندا الأمريكية في الإعلام العربي

تاريخ الإنضمام : 29/08/2008

البروبجندا الأمريكية في الإعلام العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

«

صحيح اللي اختشوا ماتوا» هذا كان التعليق الذي خطر لي عندما رأيت إعلانا لبدء عرض مسلسل أمريكي على فضائية خليجية يمجد إنسانية الجنود الأمريكان و«بطولاتهم» في
التسبب بمقتل أكثر من مليون عراقي، ويصور أنهم بالرغم من ارتكابهم
الاغتصاب وقتل الأبرياء والتعذيب وفظائع أبوغريب وجوانتنامو وباجهرام «أفغانستان» فهم يبقون المثال الإنساني الأعلى! ماذا
حصل لبعض العرب؟ المسألة ليست مسألة وازع ديني وقومي بقدر ماهي مسألة
بديهيات الحس الإنساني، فأنت لا تأتي وتمجد إنسانية القاتل أمام الضحية! ألهذه الدرجة بلغ الاستلاب النفسي لدى البعض؟! إنها البروبجندا «الدعاية الموجهة» الأمريكية في أكثر صورها فجاجة واستفزازا، مما ذكرني برواية «عالم شجاع جديد-Brave new world» للكاتب البريطاني ألدوز هوكسلي-1932-التي
صور فيها مستقبلا يعيش فيه البشر في حالة ذهان استمتاعي تحت حكومة عالمية
قضت على الصراعات عبر نظام عالمي يجرد البشر من الانتماء القطري والعائلي
والدين والهوية الثقافية لأنها أسباب «لعدم الاندماج» وعدم
الاستقرار الذي يهدد مصالحها، فتجعل محور حياة الناس ثقافة المتع
الترفيهية والاستهلاكية والشهوانية، وبعد ثلاثين سنة ألف هوكسلي كتابا
أثبت فيه تحقق توقعاته، وقال «الدكتاتوريات
القديمة سقطت لأنها لم تقدم ما يكفي من الترفيه والمتع، لكن تحت دكتاتورية
علمية دور الثقافة جعل النساء والرجال ينشئون على حب مستعبديهم.. الناس ستؤخذ منهم حرياتهم، لكنهم سيكونون مستمتعين بذلك، ملتهين عن التمرد بالدعاية وغسيل الدماغ». وتذكرت من وصفهم داعية الحقوق الأمريكي «مالكومx» «العبيد المنزليين» الذين يعيشون داخل منزل السيد وإذا اشتعلت النار فيه بدل الفرار للحرية كما يفعل عبيد الحقل، يسرع لمستعبده ليسأله «هل نحن بخير» فلشدة الاستلاب النفسي ماعاد يفكر بمصلحته، فتفكيره هو بلسان وعقل سيده. فالبعض لم يُشف بعد من صدمته الحضارية وتذكرنا حالته بظاهرة «ديانة الحمولة» cargo cult وهي ديانة حقيقية تطورت في جزر المحيط الهادئ حيث اعتقد سكانها أن الغربيين آلهة، وآخر المجتمعات التي مازالت تعبد الأمريكيين جزيرة «تانا-فانواتو» جنوب المحيط الهادي 550 كيلومتراً مربعاً، ففي الحرب العالمية الثانية جاءتهم فرقة أمريكية بـ«حمولة» معلبات وأسلحة ومنها اكتسبت ديانتهم مسمى «ديانة الحمولة» وتتمحور طقوسها حول تأليه الجنود الأمريكان والتشبه بأزيائهم ومشيتهم كل جمعة، وقرابينهم صنع مجسمات لمعدات الجيش الأمريكي، وفي2007 احتفلوا بمرور خمسين عاما على ديانتهم، وهناك حزب سياسي لهذه الديانة! وأخيرا الناطق باسم الأكاديمية العسكرية الأمريكية في «ويست بوينت» «الجنرال.باتريك فينغان» حث منتجي مسلسل «24» الأمريكي الذي تعرضه الفضائيات العربية على «التخفيف» من مشاهد تعذيب المسلمين «لأن الجنود الأمريكيين في العراق يقلدونها» وتشمل
بتر أصابع مسلمين وإطلاق الرصاص على أطرافهم وحقنهم بعقاقير تسبب آلاما
مبرحة وخنقهم بأكياس البلاستيك وصعقهم بالكهرباء وتمثيل قتل عائلاتهم
أمامهم. وللأسف
من العرب من يعتقد أنه ينقذ المنطقة من نفسها بأمركتها، فتكاثرت الفضائيات
المخصصة لنشر الثقافة الأمريكية بكل محاذيرها الأخلاقية وتنقل حتى برامج
الصباح والأخبار الأمريكية وكلها محلي أمريكي، والغاية أنها بعد فترة تخلق
شعورا لدى المشاهد أنه أكثر تعارف نفسيا مع الهوية الأمريكية من هويته
الأصيلة.

تاريخ الإنضمام : 02/08/2010

.يعطيك العافية.
..
.شكرا جزيلا لك.

البروبجندا الأمريكية في الإعلام العربي

البروبجندا الأمريكية في الإعلام العربي

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة