سبحان الذي خلق النفس البشرية بكل ما فيها من ألغاز وغموض سبحان الله العظيم،
كلما جلست بمفردي وركزت التفكير كلما زادت دهشتي واستعجابي من هذه النفس المعقدة، فقد تتحول من قمة التفاؤل والحب لقمة اليأس والكره و الفاصل الزمني بين الحالتين لا يتجاوز الدقائق و الثواني القليلة، فأعود وأقول سبحان الله فكل هذه التغيرات و التقلبات المتضاربة لذات النفس فلا تستطيع أن تقول أن هذه النفس طيبة على الإطلاق و تلك سيئة على الإطلاق.
عندما يتعرض الإنسان لموقف محرج أو غدر من عزيز أو ضغوط الحياة والتى بدورها تزيد من شعور الوحشه والغربه في هذه الدنيا الجافة أو يتعرض لتوبيخ من الآخرين لا لشيء غير أنهم هم الأكبر سنا والأكبر سنا فقط، يشتعل غضبه ويقرر أن يرد هذه الإهانة في أقرب وقت ممكن، ويتكرر نفس الظروف والآلام وتتزايد ضغوط الحياة وتأتي السعادة متسللة كعادتها لتكسر حدة هذه الضغوط والأحزان و لكن يأبى الحزن أن يترك السعادة تتملك النفس فهو يعتقد أنه الوحيد الذي له حق الملكية،
فتعود النفس أسيرة في قيود الحزن مستسلمة و لكن مع كل هذا ترى العناد و الكبرياء على هذه النفس الضعيفة فبعد كل هذه الأحزان، تقرر النفس أن تنتقم هي الأخرى وتأسر شيء فتقرر أن تأسر الدموع وتمنعها تماما من الخروج و تتراكم الدموع تلو الدموع حتى تملء العين ولكن مازلت النفس بكبريائها ترفض أن تسمح لها بالخروج،
لكن سبحان المعز المذل فعندما تزداد الدموع وتتحد مع بعضها تصبح في قمة قوتها وتنهال على الخد بدون مسيطر وتستسلم هذه النفس العنيدة لقوة تدفق الدموع الملتهبة التي قد تسبب احمرار الخد من شدة سخونتها و تنفضح تلك النفس التي رفضت أن تفك أسر هذه الدموع المسكينة في السر حتى تروح قليلا عن نفسها، فقد انسكبت أمام الجميع معلنة عن تمردها ورفضها الأسر لتلك العنيدة المتكبرة.