أنا لا أحب هؤلاء الذين يأتون إلىّ مُسبِّلى الأعين
ومطأطئى الرؤوس، يتغزلون فى عيونى دون داع، ودون احترام بمناسبة وبغير
مناسبة، ينظمون القصائد فى رونق الشفاه ورقتها! لا أحب هؤلاء الذين جردونى
من العقل، ومن كل المهارات الحياتية أيضاً وكل المواصفات، فلا يرون غير أنى
أنثى.. أنثى فقط! ويحكم أيها الرجال! وأعنى هؤلاء الذين يدعون الرجولة
والشهامة وهم فى وتر التيه يلهثون وبالنفاق مقنَّعون بالفرقعات الجوفاء
والرنين الزائف.. هؤلاء الموجودة فى نفوسهم أشياء طيبة ولكنها راقدة فى
غفوة! لقد علاها الصدأ من طول الرقود.. أنا لا أهوى افترار المشاعر على
الطرقات، لم أقع أبداً فى فخ التسول العاطفى، ولن أسمح بأن تتشرد مشاعرى
على أرصفة الآخرين الضماء! ذلك أن مشاعرى لوحات سيريالية لا يفقهها سواى،
وسوى من اقترب منى بأناقة الفكر العبقرى والأسلوب الأشَمّ، فأنا لست مجرد
أنثى.. أنا رسالة أتت من عالم آخر، لها فكر وعقل وقلب، تيقن -يا من تعتدى
بالقول أو العمل على إناث الكون فى الطرقات- أن امرأة ما، ربما تمتلك قوة
الرعد وصلابة الجبال، وأخرى تمتلك ضياء لا يعرف له مصدر، ورنيناً لا يعزفه
إنسان، أو قد تكون لوحة لم تنقش بعد...