عمةُ النبي صلى
الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب
كانت -رضي الله
عنها- صابرة محتسبة، راضية بقضاء الله، ترى كل مصيبة هينة -مهما عظمت- ما دامتْ في
سبيل الله.[/b]
ففي غزوة أحد
أقبلت لتنظر إلى أخيها حمزة الذي استشهد، فلقيها ابنها الزبير بن العوام فقال: أي
أمه، رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، قالت: ولِمَ؟ وقد بلغني أنه
مُثِّل بأخي، وذلك في اللَّه، فما أرضانا بما كان في ذلك، لأصبرن وأحتسبن إن شاء
اللَّه. فجاء الزبير فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "خلِّ
سبيلها". فأتتْ إلى حمزة، واستغفرت له، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بدفنه.
وكانت - رضي
اللَّه عنها - مقاتلة شجاعة.فلما خرج صلى الله عليه وسلم إلى غزوة الخندق، جعل
نساءه فى بيت لحسان بن ثابت، فجاء أحد اليهود، فرَقَى فوق الحصن حتى أطل على
النساء، فقامت إليه صفية -رضي اللَّه عنها- فضربته وقطعت رأسه، ثم أخذتها، فألقتها
على اليهود وهم خارج البيت، فقالوا: قد علمنا أن هذا -أي النبي صلى الله عليه وسلم
- لم يكن ليترك أهله، ليس معهم أحد يحميهم، فتفرقوا.
إنها صفية بنت
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أمها بنت وهيب بن عبد مناف بن زُهرة بن
كُلاب، وهي أخت حمزة لأمه، تزوجها في الجاهلية الحارث بن حرب بن أُمية، فولدت له
ولدًا، ثم تزوجها "العوام بن خويلد" فولدت له الزبير، والسائب، وعبد
الكعبة، وأسلمت صفية، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة، وكانت
من أوائل المهاجرات إلى المدينة، أسلمت مع ولدها الزبير، وقيل: مع أخيها حمزة.
عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَامَ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الصَّفَا فَقَالَ : « يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ
مُحَمَّدٍ يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا بَنِى عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا
شِئْتُمْ » مسلم (524 ).
ولما مات النبي
صلى الله عليه وسلم رثته صفية بقولها(ابن سعد2/327):[/b]
لهف نفسي! وبت
كالمسلوب [/b]... آرق الليل فعلة المحروب!
من هموم وحسرة
ردفتني، [/b]... ليت أني سقيتها بشعوب!
حين قالوا: إن
الرسول قد أمسى [/b]... وافقته منية المكتوب؟!
إذ رأينا أن
النبي صريع، [/b]... فأشاب القذال أي مشيب
إذ رأينا بيوته
موحشات، [/b]... ليس فيهن بعد عيش حبيبي
أورث القلب ذاك
حزنا طويلا، [/b]... خالط القلب، فهو كالمرعوب
ليت شعري! كيف
أمسي صحيحا [/b]... بعد أن بين بالرسول القريب؟
أعظم الناس في
البرية حقا، [/b]... سيد الناس حبه في القلوب
فإلى الله ذاك
أشكو! وحسبي، [/b]... يعلم الله حوبتي ونحيبي!
توفيت
"صفية بنت عبد المطلب" سنة عشرين هجرية فى خلافة عمر بن الخطاب - رضى
اللَّه عنه - وعندها بضع وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع فى فناء دار المغيرة بن شعبة،
وقد روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأحاديث، فرضي اللَّه عنها وأرضاها.