الحمد لله وهو بالحمد جدير، أحمده سبحانه وأشكره على فضله العميم وخيره الوفير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه البشير النذير والسراجُ المُنير، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله ذوي القدر العليِّ وأصحابه ....
فشكرا لكت آخي محمد على هذا الاختيآر الموفق وجزى شيخنا عائض القرني الله خير الجزاء ...
داءٌ وَبيل وشرٌّ خطير يُولِّد أعظمَ الشرور، ويُنتِج أشد المفاسد، كم أُدمِيَت به من أفئدة، وقَرَحت من أكباد، وقُطِّعت من أرحام، وقُتِّل من أبرياء، وعُذِّب مظلومون، وطُلِّقَت نساء، وقُذِفَت مُحصَنات، وانتُهِكت أعراض، وتفكَّكَت أُسَر، وهُدِّمت بيوت؛ بل كم قد أُوقِدت به من فتن، وأُثِيرت نعَرات على مستوى الأفراد والأُسَر والبلدان والأقاليم، ففسَدت العلاقات، وساءت الظنون، ولم يدَع مُقترِفُها هذا الداء للصلح موضعًا، ولا للوُدِّ مكانًا ..
آه مِن هذَآ البَلآء يا آخِيَ محمد فقد وضَعت يدَكَ على الجرح فِعلآً إنَـهُ حقًآ مرضٌ خطيرٌ من أمراض القلوب وآفات اللسان وأدواء المجتمعات، وحتى انني لآمست هذا الآفة هنآ عندنا بالمنتدى وبكل مكآن يكثر فيه التجمعآت و بعصرُنا هذا في إعلامه واتصالاته ومواصلاته فقد ساعَدَ على انتشاره وزاد في آثاره، هل عرفتم هذا الداء -عباد الله-؟!
إنه: مرض الوِشاية والسعاية وبلاءُ النميمة وقَالة السوء؛ نقلُ الكلام بين الناس على جهة الإفساد، وزرع الأحقاد، وبثِّ الضغائن، النميمةُ رأس الغدر، وأساسُ الشر، (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) [القلم: 10- 13]
ألا فاتقوا الله -رحمكم الله-، وحافِظوا على أُخوَّة الإسلام ورابطة الإيمان، فمن أراد أن يسلم من الإثم ويبقى له وُدُّ الإخوان فلا يقبَل قولَ أحدٍ في أحد، فقد أحبَّ قومٌ بقول قوم وأبغضوهم بقول آخرين فأصبَحوا على ما سمعوا نادمين.
هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيكم محمدٍ رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال -عزَّ شأنُه، وهو الصادق في قيله- قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].