اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. B22d2610
 اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. B22d2610
 اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. K10

 اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. K10
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  



شاطر | 
 

  اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
 اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. Untitl66
younes mer
عـــضــو مــمــيز
عـــضــو مــمــيز

younes mer


معلومات اضافية
تاريخ الإنضمام : 28/02/2011
عدد المشاركات : 518
العمر : 29
قوة السمعة : 2
قوة النشاط : 883
ذكر
الإقامة : الوطن العربي


مُساهمةموضوع: اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات.    اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. Emptyالثلاثاء مايو 01, 2012 12:48 am

 اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. 7

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





قال ابن القيم في "الجواب الكافي":




ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج فإن الحوادث مبدؤها من البصر كما أن معظم النار من مستصغر الشررتكون نظرة ثم تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة؟ ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. فينبغى للعبد أن يكون بواب نفسه على هذه الأبواب الأربعة ويلازم الرباط على ثغرها فمنها يدخل عليه العدو فيجوس خلال الديار ويتبر ما علوا تتبيرا.


وأكثر ما تدخل المعاصي على العبد من هذه الأبواب الأربعة فنذكر في كل واحد منها فصلا يليق به.

فأما اللحظات: فهي رائد الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج فمن أطلق نظره أورده موارد الهلاك. وقد قال: النبي صلى الله عليه و سلمسلم:"لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الأخرى".
وفي المسند عنه صلى الله عليه و سلمسلم:"النظرة سهم مسموم من سهام إبليس, فمن غض بصره عن محاسن امرأة لله أورث الله في قلبه حلاوة إلى يوم القيامة". هذا معنى الحديث. وقال:"غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم".
وقال:"إياكم والجلوس على الطرقات. قالوا يا رسول الله مجالسنا مالنا بد منها. قال:"فإن كنتم لا بد فاعلين فأعطوا الطريق حقه. قالوا وما حقه؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام".

والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان فإن النظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع. وفي هذا قيل:"الصبر على غض البصر أيسر من ألم ما بعده"ولهذا قال الشاعر:


كل الحوادث مبدؤها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها
كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طرف يقلبه
في أعين العين موقوف على الخطر
بسرور مقلته ما ضر مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر




ومن آفات النظر: أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات فيرى العبد ما ليس قادرا عليه ولا صابرا عنه وهذا من أعظم العذاب: أن ترى ما لا صبر لك عنه ولا عن بعضه ولا قدرة لك عليه قال الشاعر:


وكنت متى أرسلت طرفك رائدا

لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادرعليه
ولا عن بعضه أنت صابر




وهذا البيت يحتاج إلي شرح. ومراده: أنك تري ما لا تصبر عن شيء منه ولا تقدر عليه فإن قوله:"لا كله أنت قادر عليه"نفى لقدرته على الكل الذي لا ينتفي إلاّ بنفي القدرة عن كل واحد واحد.

وكم من أرسل لحظاته فمن أقلعت إلاّ وهو يتشحط بينهن قتيلا كما قيل:


يا ناظرا ما أقلعت لحظاته

حتى تشحط بينهن قتيلا




ولي من أبيات:


مل السلامة فاغتدت لحظاته

وقفا على طلل يظن جميلا
ما زال يتبع أثره لحظاته
حتي تشحط بينهن قتيلا




ومن العجب أن لحظة الناظر سهم لا يصل إلى المنظور إليه حتي يتبوء مكانا من قلب الناظر ولي من قصيدة:


ياراميا بسهام اللحظ مجتهدا

أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
يا باعت الطرف يرتاد الشفاء له
أحبس رسولك لا يأتيك بالعطب




وأعجب من ذلك أن النظرة تجرح القلب جرحا فيتبعها جرح على جرح ثم لا يمنعه ألم الجراحة من استدعا تكرارها. ولي أيضا في هذا المعنى:


مازلت تتبع نظرة في نظرة في

نظرةفي إثر كل مليحة ومليح
وتظن ذاك دواء جرحك وهو
في التحقيق تجريح على التجريح
فذبحت طرفك باللحاظ وبالبكا
فالقلب منك ذبيح أي ذبيح




وقد قيل: أن جنس اللحظات أيسر من دوام الحسرات.

وأما الخطرات: فشأنها أصعب فأنها مبدأ الخير والشر ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم فمن راعي خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب. ومن استهان بالخطرات قادته قهرا إلى الهلكات. ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} وأخس الناس همة وأوضعهم نفسا من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة واستجلبها لنفسه وتحلى بها وهي لعمر الله رؤوس من أموال المفلسين ومتاجر الباطلين وهي قوة النفس الفارغة التي قد قنعت من الوصل بزورة الخيال ومن الحقائق بكواذب الآمال كما قال الشاعر:


أماني من سعد رواء على الظما

سقتنا بها سعد على ظماء برداوإلا
مني إن تكن حقا تكن أحسن المنى
فقد عشنا بها زمنا رغدا




وهي أضر شيء على الإنسان وتتولد من العجز والكسل وتولد التفريط والإضاعة والحسرة والندامة. والمتمني لما فاته مباشرة الحقيقة بجسمه حول صورتها في قلبه وعانقها وضمها إليه فقنع بوصال صورة وهمية خالية صورها فكره وذلك لا يجدي عليه شيئا وإنما مثله مثل الجائع والظمآن يصور في وهمه صورة الطعاموالشراب وهو لا يأكل ولا يشرب والسكون إلى ذلك واستجلابه يدل على خساسة النفس ووضاعتها. وإنما شرف النفس وزكاؤها وطهارتها وعلوها بأن ينفى عنها كل خطرة لا حقيقة لها ولا يرضى أن يخطرها بباله ويأنف لنفسه منها.

ثم الخطرات بعد أقسام تدور على أربعة أصول: خطرات يستجلب بها العبد منافع دنياه وخطرات يستدفع بها مضار دنياه وخطرات يستجلب بها مصالح آخرته وخطرات يستدفع بها مضار آخرته.

فليحصر العبد خطراته وأفكاره وهمومه في هذه الأقسام الأربعة فإذا انحصرت له فيها فما أمكن اجتماعه منها لم يتركه لغيره وإذا تزاحمت عليه الخطرات كتزاحم متعلقاتها قدم الأهم فالاهم الذي يحشى فوته وأخرى الذي ليس بأهم ولا يخاف فوته.

بقي قسمان آخران أحدهما: مهم لا يفوت. والثاني: غير مهم ولكنه يفوت ففي كل منهما ما يدعو إلى تقديمه فهنا يقع التردد والحيرة فيه فإن قدم الأهم خشي فوات ما دونه وإن قدم ما دونه فاته الاشتغال به عن المهم وذلك بأن يعرض له أمران لا يمكن الجمع بينهما ولا يحصل أحدهما إلاّ بتفويت الآخر فهذا موضع استعمال العقل والفقه والمعرفة ومن هاهنا ارتفع من ارتفع وأنجح من أنجح وخاب من خاب فأكثر من ترى ممن يعظم عقله ومعرفته يؤثر غير المهم الذي لا يفوت على المهم الذي يفوت ولا تجد أحدا يسلم من ذلك ولكن مستقل ومستكثر.

والتحكيم في هذا الباب للقاعدة الكبرى التي عليها مدار الشرع والقدر وإليها مرجع خلقت الخلق والأمر وهي إيثار أكبر المصلحتين وأعلاهما وإن فاتت المصلحة التي هي دونها والدخول في أدنى المفسدتين لدفع ما هو أكبر منهافيفوت مصلحة لتحصيل ما هو وأكبر منهما ويرتكب مفسدة لدفع ما هو أعظم منها.

فخطرات العاقل وفكره لا يجاوز ذلك وبذلك جاءت الشرائع ومصالح الدنيا والآخرة لا تقوم إلاّ على ذلك وأعلى الفكر وأجلها وأنفعها: ما كان لله والدار الآخرة فما كان لله فهو أنواع.

الأول: الفكرة في آياته المنزلة وتعقلها وفهمها وفهم مراده منها ولذلك أنزلها الله تعالى لا لمجرد تلاوتها بل التلاوة وسيلة. قال بعض السلف: أنزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملا.

الثاني: الفكرة في آياته المشهودة والاعتبار بها والاستدلال بها على أسمائه وصفاته وحكمته وإحسانه وبره وجوده وقد حض الله سبحانه عباده على التفكر في آياته وتدبرها وتعقلها وذم الغافل عن ذلك.

الثالث: الفكرة في آلائه وإحسانه وإنعامه على خلقه بأصناف النعم وسعة مغفرته ورحمته وحلمه.
وهذه الأنواع الثلاثة تستخرج من القلب معرفة الله ومحبته وخوفه ورجاءه ودوام الفكرة في ذلك مع الذكر يصبغ القلب في المعرفة والمحبة صبغة تامة.

الرابع: الفكرة في عيوب النفس وآفاتها وفي عيوب العمل وهذه الفكرة عظيمة النفع وهي باب لكل خير وتأثيرها في كسر النفس الأمارة بالسوء ومتى كسرت عاشت النفس المطمئنة وانتعشت وصار الحكم لها فحي القلب ودارت كلمته في مملكته وبث أمراءه وجنوده في مصالحه.

الخامس: الفكرة في واجب الوقت ووظيفته وجمع الهم كله عليه فالعارف ابن وقته فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها فجميع المصالحإنما تنشأ من الوقت فمتى أضاع الوقت لم يستدركه أبدا.

قال الشافعي رضي الله عنه:"صحبت الصوفية فلم أستفد منهم سوى حرفين أحدهما قولهم: الوقت سيف فإن لم تقطعه قطعك. وذكر الكلمة الأخرى ونفسك إن أشغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل" فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حيا الأبدية في النعيم المقيم ومادة المعيشة الضنك في العذاب الأليم وهو يمر أسرع من مر السحاب فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره وغير ذلك ليس محسوبا من حياته وإن عاش فيه عيش البهائم فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه بالنوم والبطالة فموت هذا خيرا له من حياته وإذا كان العبد وهو في الصلاة ليس له (من صلاته) إلاّ ما عقل منها فليس له من عمره إلاّ ما كان فيه بالله وله وما عدا هذه الأقسام من الخطرات والفكر فأما وساوس شيطانية وإما أماني باطلة وخدع كاذبة بمنزلة خواطر المصابين في عقولهم من السكارى والمحشوشين والموسوسين ولسان حال هؤلاء يقول عند انكشاف الحقائق:


أن كان منزلتي في الحب عندكم

ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي
أمنت ظفرت نفسي بها زمنا
واليوم أحسبها أضغاث أحلام




وأعلم أن ورود الخاطر لا يضر وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته فالخاطر كالمار على السلام فإن لم تستدعه فإن تركته مر وانصرف عنك وإن استدعيته سحرك بحديثه وخدعه وغروره وهو أخف شيء على النفس الفارغة بالباطلة وأثقل شيء على القلب والنفس الشريفة السماوية المطمئنة.

وقد ركب الله سبحانه في الإنسان نفسين نفسا أمارة ونفسا مطمئنة وهما متعاديتان فكلما خف على هذه ثقل على هذه وكل ما التذت به هذتألمت به الأخرى فليس على النفس الأمارة أشق من العمل لله وإيثار رضاه على هواها وليس لها أنفع منه وكذا النفس المطمئنة أشق من العمل لغير الله وإجابة داعي الهوى. وليس عليها شيء أضر منه. والملك مع هذه عن يمنة القلب والشيطان مع تلك عن يسرة القلب والحروب مستمرة لا تضع أوزارها إلاّ أن يستوفى أجلها من الدنيا والباطل كله يتحيز مع الشيطان والأمارة والحق كله يتحيز مع الملك والمطمئنة والحرب دول وسجال والنصر مع الصبر ومن صبر وصابر ورابط واتقى الله فله العاقبة في الدنيا والآخرة وقد حكم الله تعالى حكما لا يبدل أبدا: أن العاقبة للتقوى. والعاقبة للمتقين. فالقلب لوح فارغ والخواطر نقوش تنقش فيه فكيف يليق بالعاقل أن تكون نقوش لوحه ما بين كذب وغرور وخدع وأماني باطلة وسراب لا حقيقة له؟ فأي ولا كمل وعلم وهدي ينتقش مع هذه النقوش؟ وإذا أراد أن ينتقش ذلك في لوح قلبه كان بمنزلة كتابة العلم النافع في محل مشغول بكتابة مالا منفعة فيه فإن لم يفرغ القلب من الخواطر الردية لم تستقر فيه الخواطر النافعة فإنها لا تستقر إلاّ في محل فارغ كما قيل:

أتانى هواها قبل أن أعرف الهويفصادف قلبا فارغا فتمكنا

وهذا كثير من أرباب السلوك بنوا سلوكهم على حفظ الخواطر وأن لا يمكنوا خاطر يدخل قلوبهم حتى تصير القلوب فارغة قابلة للكشف وظهور حقائق العلويات فيها وهؤلاء حفظوا شيئا وغابت عنهم أشياء فإنهم أخلوا القلوب من أن يطرقها خاطر فبقيت فارغة لا شيء فيها فصادفها الشيطان خالية فبذر فيها الباطل في قوالب أوهمهم أنها أعلى الأشياء وأشرفها وعوضهم بها عن الخواطر التي هي مادة العلم والهدي وإذا خلى القلب عن هذه الخواطر جاء الشيطان فوجد المحل خاليا فشغله بما يناسب حال صاحبه حيث لم يستطعأن يشغله بالخواطر السفلية فكيف بالعلوية فشغله بإرادة التجريد والفراغ من وإنهم التي لا صلاح للعبد ولا فلاح إلاّ بأن تكون هي قلبه وهي إرادة مراد الله الديني الأمري الذي يحبه ويرضاه وشغل القلب واهتمامه بمعرفته على التفصيل به والقيام به وتنفيذه في الخلق والتطرق إلى ذلك والتوصل إليه بالدخول في الخلق لتنفيذه فيظلهم الشيطان عن ذلك بأن دعاهم إلى تركه وتعطليه من باب الزهد في خواطر الدنيا وأسبابها. وأوهمهم أن كمالهم في ذلك التجريد والفراغ. وهيهات هيهات إنما الكمال في امتلاء القلب من الخواطر والإرادات والفكر في تحصيل مراضي الرب تعالي من العبد ومن الناس والفكر في طرق ذلك التوصل إليه فأكمل الناس أكثرهم خواطر وفكر وإرادات لذلك كما أن أنقص الناس أكثرهم خواطر وفكرا وإرادات لحظوظه وهواه وأين كانت والله المستعان

ولهذا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تتزاحم عليه الخواطر في مرضات الرب تعالى فربما استعملها في صلاته فكان يجهز جيشه وهو في صلاته فيكون قد جمع بين الصلاة والجهاد وهذا من باب تداخل العبادات في العبادة الواحدة.
وهو من باب عزيز شريف لا يدخل منه إلاّ صادق حاذق الطلب متضلع من العلم عالي الهمة بحيث تدخل في عبادة يظفر فيها بعبادات شتي وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وأما اللفظات: فحفظها بأن لا يخرج لفظه ضائعة بأن لا يتكلم إلاّ فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح أو فائدة أم لا؟ فان لم يكن فيها ربح أمسك عنها وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوته بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيعها بهذه وإذا أردت أن تستدلعلى ما في القلب فاستدل عليه بحركة اللسان فإنه يطلعك على ما في القلب شاء مصاحبه أم أبى.

قال: يحيى بن معاذ"القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها". فانظر الرجل حين يتكلم فرن لسانه يغترف لك به مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه أي كما تطعم بلسانك فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القدر بلسانك.

وفي حديث أنس المرفوع"لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"وسئل النبي صلى الله عليه و سلمسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال:"الفم والفرج". قال: الترمذي حديث حسن صحيح. وقد سأل معاذ النبي صلى الله عليه و سلمسلم عن العمل يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره صلى الله عليه و سلمسلم برأسه وعموده وذروة سنامه ثم قال:"ألا أخبركم بملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله فأخذ بلسان نفسه ثم قال: كف عليك هذا فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوهم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"قال: الترمذي حديث حسن صحيح.

ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر ومن النظر المحرم وغير ذلك ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه حتى يري الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بال يزال بالكلمة الواحدة بين المشرق والمغرب وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلمولسانه يفري في أعراضه الأحياء والأموات ولا يبالى ما يقول.

وإذا أردت أن تعرف ذلك فأنظر إلى ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله قال: قال: رسول الله صلى الله عليه و سلمسلم"قال رجل والله لا يغفر الله لفلان فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي إني لا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك"فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.

وفي حديث أبي هريرة نحو ذلك ثم قال أبو هريرة:"تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته".

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلمسلم"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوي بها في نار جهنم". وعند مسلم"أن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المغرب والمشرق".

وعند الترمذي عن النبي صلى الله عليه و سلمسلم من حديث بلال بن الحارث المزني"إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه". فكان علقمة يقول":كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث"؟

وفي جامع الترمذي أيضا من حديث أنس قال:"توفى رجل من الصحابة فقال رجل: أبشر بالجنة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلمسلم وما يدريك؟ فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بمالا ينقصه"قال: حديث حسن.

وفي لفظ"أن غلاما ما استشهد يوم أحد فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت هنيئا لك يا بني الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلمسلم: وما يدريك؟ لعله كان يتكلم فيما لا الايعنيه ويمنع مالا يضره".

في الصحيحين من حديث أبى هريرة يرفعه"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".

وفي لفظ لمسلم"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمرا فليتكلم بخير أو ليسكت".

وذكر الترمذي بإسناد صحيح عنه صلى الله عليه و سلمسلم أنه قال:"من حسن إسلام المرأ تركه ما لا يعنيه".

وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال:"قل آمنت بالله ثم استقم"قال: قلت يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال:"هذا"والحديث صحيح.

وعن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلمسلم عن النبي صلى الله عليه و سلمسلم قال:"كل كلام ابن آدم عليه لا له إلاّ أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر لله عز وجل"قال: الترمذي حديث حسن. وفي حديث آخر"إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول: اتق الله فإنما نحن بك فإذا استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا".

وقد كان بعض السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله: يوم حار ويوم بارد ولقد روى بعض الأكابر من أهل العلم في النوم بعد موته فسئل عن حاله فقال: أنا موقوف على كلمة قلتها قلت ما أحوج الناس إلى غيث فقيل لي: وما يدريك؟

أنا أعلم بمصلحة عبادي. وقال بعض الصحابة لخادمه يوما: هات لي السفرة نعبث بها ثم قال: استغفر الله ما أتكلم بكلمة إلاّ وأنا أخطمها وأزمها إلاّ هذه الكلمة خرجت مني بغير خطام ولا زمام أو كما قال: والأيسر حركات الجوارح حركة اللسان وهي أضرها على العبد.

واختلف السلف والخلف هل يكتب جميع ما يلفظ به أو الخير والشر فقط؟ على قولين أظهرهما الأول.
وقال بعض السلف: كل كلام بن آدم عليه لا له إلاّ ما كان من ذكر الله وما والاه وكان الصديق رضي الله عنه يمسك بلسانه ويقول:"هذا أوردني الموارد"والكلام أسيرك فإذا خرج من فيك صرت أسيره. والله عند لسان كل قائل {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.

وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص العبد من احدهما لم يخلص من الأخرى. آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما أعظم إثماً من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه. والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين وأهل الوسط وهم أهل الصراط المستقيم كفوا ألسنتهم عن الباطل واطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة فلا ترى أحدهم أنه يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة فضلا أن تضره في آخرته وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله عز وجل وما اتصل به.


وأما الخطوات: فحفظها بأن لا ينقل قدمه إلاّ فيما يرجوا ثوابه عند الله تعالى فإن لم يكن في خطاه مزيد ثواب فالقعود عنها خير له ويمكنه أن يستخرج من كل مباح يخطو إليه قربة يتقرب بها وينويها لله فتقع خطاه قربة.

ولما كانت العثرة عثرتين: عثرة الرجل وعثرة اللسان جاءت إحداهما قرينة الأخرى في قوله تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} فوصفهم بالاستقامة في لفظاتهم وخطواتهم كما جمع بين اللحظات والخطوات في قوله تعالى {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: (¯`°•.¸¯`°•. القسم الإداري .•°`¯¸.•°`¯) :: ملتقى ديننا الحنيف-



©phpBB | انشئ منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع