مـجتمع لاينسـى العـائدين من اخـطاء المـاضي ..
الوعي يمنح الذات فرصة لقبول الآخر والتسامح معه ...
غصة:
تقدم لخطبتها شاب بمواصفات عالية جداًّ تطمح له أي فتاة تقليدية،
في مجتمع يضع ضوابط وحدود للزواج والارتباط، قبلت مستبشرة وآملة بحياة جديدة تمحو عنها كل ما أساءها في السابق،
وبعد عقد القران وقبل الدخلة انفصل عنها؛ لأنها فقط أخبرته عن أحلامها السابقة في الطفولة من الارتباط بابن عمها المتوفى،
وعندما سأله والدها عن سبب الانفصال قال:
"الله يستر على بنتك أنا ما أتزوج وحدة لها ماضي"!،
مخلفاً وراءه فتاة محطمة قبل حفل زفافها بأيام، لن يغفر لها المجتمع طلاقها،
بعد أن طبعت دعوات زواجها وبدأ الأقارب والأصدقاء الاستعداد لحضور مراسم الفرح، لتبقى من ضمن العوانس..!
ضحية:
"صالح" قدّر الله له أن يزوجه والده وهو مراهق في (18) من عمره،
بهدف أن يقيه من شرور المراهقة -هكذا كان يعتقد-،
ما أن لبث "صالح" مدة يسيرة حتى انفصل عن ذات ال (١٥) عاماً،
ثم عاد لينضج في عمر ال عاماً، وقرّر الارتباط بأخرى بهدف الاستقرار،
على أن يختار هو شريكة حياته، لكن طلبه رُفض من أهل الفتاة التي أحبها وأحبته،
والسبب قصة انفصاله في زواجه الأول!.
تتعدد النماذج والقصص لشخصيات حاولت العودة إلى جادة الحق والصواب والوعي،
ولكن واجهت مجتمعاً بعض أفراده لا ينسى الماضي،
ولا يمسح الخطأ ويسامح؛ لينتكس الحاضر إلى الماضي
بكل ما فيه من أخطاء وتجاوزات.
إن المجتمع يقابل السجين التائب بنظرة سلبية رافضة،
ويقابل الفتاة بالمقت والتحقير، إلى جانب إدخالها في دائرة سوداوية مغلقة، وذلك بعد عودتها من قصة مرفوضة من المجتمع،
سواء كانت منزلقات غير أخلاقية أو سلوكية انحرافية أو غيرها،
موضحاً أننا نجد الإنسان يتراجع عن تلك الأخطاء عندما يبدأ بمعاتبة النفس بعد أن يصحو ضميره،
فيبدأ مرحلة معالجة الخطأ، ومحاولة تعديل السلوك، هذا من الناحية الشخصية،
لكن غالباً تقف أمام هؤلاء عقبة نظرة المجتمع السلبية، والتي قد تغيّر من شكل هذا التراجع من الناحية الإيجابية للسلبية مرة أخرى،
مشيراً إلى أنه يجب على المجتمع أن يكون مؤسسة إصلاح لا هدم،
وأن الدين الإسلامي دعا إلى التجاوز عن الأخطاء واختلاق المبررات،
مشدداً على أهمية أن تكون نظرة المجتمع داعمة تجاههم،
لاستمرارية التوبة وتعديلها نحو المسار الصحيح،
من خلال اعتبارهم جزءاً فعّالاً لا يمكن الاستغناء عنه، متمنياً أن يكون المجتمع داعماً وليس هادماً لطريق التوبة والعدول عن الخطأ؛
لأنهم بشر ليسوا معصومين عن الخطأ.
مع الأسف هناك تفاوت،
مضيفاً أن قبول توبة وتراجع الرجل عن الخطأ تقبل وبشكل أسرع من الفتاة،
والتي تمر بعدة عقبات، ففي الغالب يحكم عليها بالسجن المؤبد على أنها مجرمة أو منحرفة،
وهناك بعض الأسر ترى أن الحل يكون في تزويجها،
مبيناً أنه حتى لو لم تخطئ الفتاة نجد من البعض من يقف منها موقف المتصيد لأخطائها،
مشيراً إلى أن الرجال تمنح لهم صك البراءة سريعاً من أي منزلق، بينما الفتاة يستمر عقابها أبد الدهر،
بل وتسحب منها الثقة، لتبقى وبشكل دائم محط شك وريبة من أمرها،
إلى درجة التحقير مع الأسف الشديد،
متمنياً زيادة تقديم برامج توعية وتأهيلية للمجتمع في كيفية التعامل معهم،
من خلال توظيفهم، وأنهم جزء لا يتجزأ منه؛ لاستمرارية البناء والعطاء،
إضافةً إلى غرس الوعي لدى المجتمع، وبيان أساليب التعامل معهم، وحث المجتمع على الابتعاد عن الازدواجية في التعامل مع الخطأ،
وأن الخطأ واحد، سواء الصادر من الفتاة أو الرجل،
مطالباً أن يكون هناك دعوة وحث للمجتمع على تقبل خطأ الفتاة كالرجل،
كما يجب مسح بعض الثقافات والعادات القديمة ونزعها عن مجتمعنا، والتي تدعو للعودة إلى الجاهلية فيما يخص المرأة،
واستبدالها بقيم ديننا الحنيف الذي يحمل الرحمة والمغفرة،
والذي لا يميز العقاب والثواب بناء على جنس العاصي أو المذنب.
الخطأ مقدر على بني آدم،
وليس العيب أن نخطئ، لكن العيب أن نستمر في ارتكاب الأخطاء،
مضيفاً أن كل بني آدم خطّاء، وخير الخاطئين التوابون ..
راااااااااااااق لي