جاء في مقدمة تفسير الشيخ طاهر بن عاشور :
"فاستمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد ، من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار ، ومن أخبار العرب ، وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات .
وأما الآثار فالمعني بها ، ما نقل عن النبي
سلم ، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال ، وذلك شيء قليل ، قال ابن عطية عن عائشة : ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل ،
وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى ، إذ لا يكون إلا عن مستند كإجماعهم على أن المراد من الأخت - في آية الكلالة الأولى - هي الأخت للأم ، وأن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة ، وكذلك المعلومات بالضرورة كلها ككون الصلاة مرادا منها الهيئة المخصوصة دون الدعاء ، والزكاة المال المخصوص المدفوع .
وأما أصول الفقه فلم يكونوا يعدونه من مادة التفسير ، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر [ ص: 26 ] والنواهي والعموم وهي من أصول الفقه ، فتحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير ، وذلك من جهتين : إحداهما أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة ، أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة ، وقد عد الغزالي علم الأصول من جملة العلوم التي تتعلق بالقرآن وبأحكامه فلا جرم أن يكون مادة للتفسير .
الجهة الثانية : أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها .
تنبيه : اعلم أنه لا يعد من استمداد علم التفسير ، الآثار المروية عن النبي
سلم في تفسير آيات ، ولا ما يروى عن الصحابة في ذلك لأن ذلك من التفسير لا من مدده ، ولا يعد أيضا من استمداد التفسير ما في بعض آي القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها ، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض ، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء ، وفحوى الخطاب ، ولحن الخطاب ، ومفهوم المخالفة . ذكر ابن هشام ، في مغني اللبيب ، في حرف " لا " ، عن أبي علي الفارسي ، أن القرآن كله كالسورة الواحدة ، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى ، نحووقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون وجوابه ما أنت بنعمة ربك بمجنون اهـ ، وهذا كلام لا يحسن إطلاقه ، لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض ، وقد يستقل بعضها عن بعض ، إذ ليس يتعين أن يكون المعنى المقصود في بعض الآيات مقصودا في جميع نظائرها ، بله ما يقارب غرضها .
واعلم أن استمداد علم التفسير ، من هذه المواد ، لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية كما تقدم ; لأن كونه رأس العلوم الإسلامية ، معناه أنه أصل لعلوم الإسلام على وجه الإجمال ، فأما استمداده من بعض العلوم الإسلامية ، فذلك استمداد لقصد تفصيل التفسير على وجه أتم من الإجمال ، وهو أصل لما استمد منه باختلاف الاعتبار على ما حققه عبد الحكيم . "
أرجو حل الإشكال فيما خُط تحته خط ..
ما الفرق بين ما ذكره الشيخ في الموضعين حول تفسير النبي
سلم ؟
رد مع اقتباس