mohlakamoraالمشرف العام
معلومات اضافية
تاريخ الإنضمام : 23/08/2010 عدد المشاركات : 5620 العمر : 111 قوة السمعة : 17 قوة النشاط : 7168 الإقامة :
| موضوع: كيف يحبك الله؟ ويحبك الناس؟ السبت نوفمبر 26, 2011 12:36 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم كتبه/ ياسر عبد التواب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فسؤال شغل بعض الصحابة حقـًا كيف يحصل على محبة الله -تعالى-؟! وكيف يحصل أيضًا على محبة الناس؟! سؤال يكشف عن طبيعة بشرية ترغب في أن تعيش بحب، يحبه الله ويحبه الناس! ورابط خفي بين أن يحبك الله -تعالى- ويحبك الناس؛ فالناس : خلق الله -تعالى-، وأحب الخلق إلى الله -تعالى- أنفعهم لخلقه، فكلما نفعت الخلق أحبك الخالق. وهنا عن هذه المسألة يسأل رجل النبي -سلم- كما روى أبو العباس -سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: "أَتَى النَّبِيَّ -سلم- رَجُلٌ فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِيَ اللَّهُ وَأَحَبَّنِيَ النَّاسُ." فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -سلم-: (ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ)" (روا ابن ماجه، وصححه الألباني). والزهد وهو لغة : الإعراض عن الشيء احتقارًا، وشرعًا الاقتصار على قدر الضرورة مما يتيقن حله. والله -سبحانه وتعالى- يحب من أطاعه، ومحبته مع محبة الدنيا لا يجتمعان، وذلك لأن القلب بيت الرب فلا يحب أن يشرك في بيته غيره، ومحبتها الممنوعة هي إيثارها بنيل الشهوات لا لفعل الخير والتقرب بها، عن سهل بن سعدٍ الساعدي -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله، -سلم-: (لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ) (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني). والتخفف من الدنيا دأب الصالحين، صحيح أنه لا حرج من التنعم بالمباحات، ولا الاستفادة من الأموال، لكن عز أن تجد من يفعل ذلك وهو زاهد في الدنيا بحيث تكون في يده ولا تكون في قلبه، عن عمرو بن عوف الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -سلم-: (أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (رواه البخاري ومسلم). وها هو رسول الله -سلم- يضرب لنا المثل بنفسه الشريفة -فداه أبي وأمي- في زهده في الدنيا، وعظيم إعراضه عن زخرفها، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -آله وسلم-: (يَا أَبَا ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا ذَاكَ عِنْدِي ذَهَبٌ أَمْسَى ثَالِثَةً عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا -حَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ- وَهَكَذَا -عَنْ يَمِينِهِ- وَهَكَذَا -عَنْ شِمَالِهِ-) (رواه البخاري ومسلم)، وعن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -سلم- مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) (رواه مسلم)، وفي رواية: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -سلم- مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ) (رواه البخاري). وعن عروة -رضي الله عنه- عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: (وَاللَّهِ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -سلم- نَارٌ -قَالَ- قُلْتُ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -سلم- جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -سلم- مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ) (متفق عليه). وقوله -سلم-: (وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ) أي: من الدنيا (يُحِبُّكَ النَّاسُ)؛ لأن قلوبهم مجبولة على حبها مطبوعة عليها، ومن نازع إنسانـًا في محبوبه كرهه وقلاه، ومن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه، ولهذا قال الحسن البصري -رحمه الله-: "لا يزال الرجل كريمًا على الناس حتى يطمع في دنياهم فيستخفون به ويكرهون حديثه". ألا ما أشد بخل الإنسان وما أعظم شحه... إنه لا يقبل أن ينازعه أحد فيما يملك؛ لذا فإنه يحب ويميل إلى من لا يطمع فيما في يديه، قال -تعالى-: ( قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا ) (الإسراء:100)، ومن هنا كانت تضحيات الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، وما قدموه من بذل وعمل وجهاد وهجرة كانت أعمالاً مقدرة عظيمة؛ عز أن تجد مثلها، بل ولا يقارن بين بعض من أنفق منهم قبل الفتح وقاتل، وهذا ما لفت إليه القرآن الكريم فقال -تعالى-: (وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد:10). وكذلك تضحيات الأفاضل من الأنصار الذين بذلوا كل غال نفيس في قمة سامقة من البذل والإيثار حيث مدحهم ربهم فقال: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9). وكذا كان المهاجرين على نفس الدرجة من السمو فزهدوا فيما في يد إخوانهم وتعففوا، وكانت كلمة عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- لأخيه سعد بن الربيع -رضي الله عنه- لما عرض عليه مشاطرته لماله، وتطليقه لأهله؛ ليعطيه ذلك فقال: "بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق فتاجر حتى أغناه الله -تعالى-". وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الأَمِينُ أَمَّا هُوَ فَحَبِيبٌ إِلَيَّ وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -سلم- تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً فَقَالَ: (أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ؟) وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ فَقُلْنَا: "قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ". ثُمَّ قَالَ: (أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ؟) فَقُلْنَا: "قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ" ثُمَّ قَالَ: (أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ؟) قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: (عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَتُطِيعُوا وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً وَلا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ). الله أكبر حتى لو سقط سوط أحدهم لاستغنى عن أن يطلب من الناس أن يناوله له!! وقيل لبعض أهل البصرة : من سيدكم؟ قال : الحسن. قال : بم سادكم؟ قال : احتجنا لعلمه، واستغنى عن دنيانا". |
|