اكتشف سطحيتك..!
كل منا يعتقد أنه يمتلك ناصية الحكمة وأنه جاء بالحصافة من قرونها.. لذا فإن حكمنا على الآخر عادةً ما لا يستغرق أكثر من ثوانٍ معدودات نطلق خلالها العنان لبواطننا لتصنف من أمامنا بالتساوق مع صور مسبقة تختزنها الذاكرة.. في الولايات المتحدة أجرت إحدى المؤسسات الأميركية اختباراً لطلاب الجامعات لتحديد مقدرتهم على الحكم على الغير والتنبؤ بمستقبلهم؛ نقتطع لكم منه سؤالين مترجمين بتصرف.
السؤال الأول: امرأة حبلى، لديها ثمانية أطفال.. ثلاثة منهم يعانون من الصمم.. اثنان منهم فاقدو البصر .. أحدهم متخلّف عقلياً، والمرأة تعاني من مرض الزهري وتعيش ظروفاً قاهرة، هَلْ توصي لها بالإجهاضُ ‘’ بعيدا عن مسألة الحكم الشرعي” ؟
السؤال الثاني: لقد حان الوقت لانتخاب زعيم عالمي جديدِ وصوتك أنت - فقط - سيرجح اختيار المرشح وأمامك ثلاثة خيارات:
المرشّح الأول: يخالط سياسيين منحرفين، ويَستشيرُ العرافات والمنجمين.
لديه عشيقتان. يدخن بشراهة ويَشْربُ من 8-10 كؤوس مارتيني في اليوم.
المرشّح الثاني: طُرد مِنْ الوظيفة مرّتين، يَنَامُ حتى الظهرِ، تناول المخدرات وهو طالب بالجامعة، يتناول ربع زجاجة ويسكي كُلَّ مَسَاءٍ.
المرشّح الثالث: كان بطلَ حربِ ونال عدة أوسمة. نباتي،لا يُدخّنُ، قليلا ما يَشْربُ الخمر ولم يخن زوجتَه يوما.
أي من هؤلاء المرشّحين ستختار؟ قرّر قبل أن تواصل القراءة،،
الآن.. أعلم أن المرشّح الأول هو الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت أحد الرؤساء العظام والفائز بجائزة نوبل للسلام.؛ كان صانع سلام ومصلحاً اقتصادياً قلَ مثيله في التاريخ..
الثاني هو الزعيم البريطاني ونستون تَشِرشِل الذي كان ولا يزال ملهماً عظيماً للشعب البريطاني.. ولا زالت آراؤه ورؤاه - خالدةً- تدرس في الجامعات لليوم.
أما المرشّح الثالث فهو الطاغية الألماني أدولف هتلر.. الغني عن التعريف!! بالمناسبة، إذا قُلتَم نعم لسؤالِ الإجهاضَ.. تكونون قد قَضيتم علىبيتهوفن..!!
أعتقد أن ما نريد قوله هنا هو دعوة كل منكم للتشكيك في نمطية تفكيره وللتمرد على القوالب الصدئة التي يصب الناس فيها ويصنفهم وفقها.. فكم حرمتنا تلك الأحكام المسبقة من الاستفادة من شخصيات فريدة لأننا نرفضهم - سلفاً - لاعتبارات سطحية تتعلق بانتماءاتهم، مظاهرهم أو بماضيهم.. وكم نهلنا سفيه القول وأخيبه من آخرين ثقةً بعباءتهم أو جُبّتهم أو تاريخهم المضلل. !
فمجتمعنا مجتمعٌ نرجسي قاس يسوده نفسٌ انفعالي لاعقلاني، يجعل الناس ترفض الأفكار والرؤى - أياً كانت مزيتها- استناداً لمنابعها، ويدفع الناس لبناء أسوار وحواجز بينها وبين كل ما يخالف قوالبها. وهي حالة شخصها المفكر عبد الله الغذامي بقوله إن ‘’النفس العربية قد جرى تدجينها لتكون نفساً انفعالية تستجيب لدواعي الوجدان أكثر من استجابتها لدواعي التفكير’’
هذا المناخ العام همش وأجهض واغتال شخصيات عدة عُلق بنواصيها الخير؛ وأعلى شأن أناس لا مكان لهم في العليين..
في المرة القادمة التي تسارع فيها للحكم على غيرك.. توقف.. وفكر.. فأثمن المعادن قد تأتي في أسوأ الحلل ..
مما قرات
[/b]