الموقف من المحاكم الشرعية في الصومال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
ففي بلد نسبة المسلمين فيه 100% , أهين العلماء الصادقون الناصحون, وحوربت
الدعوة , وظهرت المنكرات , وأشيعت الرذيلة , وتُرك الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر , فكان ما كان من عقوبة الله لهم , حيث اختل الأمن وكثر القتل ,
وتنازعت القبائل , وأصبحت الغلبة للطامع القوي ولو كان من أفجر عباد الله .
تلك هي صورة مصغرة للصومال الجريحة التي لم تذق طعم الأمن منذ سقوط سياد بري , ولم تنعم بالأمن العقدي أثناء حكمه .
لقد أصبحت الصومال بعد سقوط الحكومة مطمعا لمن أراد السلب والنهب
والاستئثار بالخيرات , فتدخلت عدوة الإسلام والمسلمين أمريكا , بحجة الحفاظ
على الأمن , وتخليص المنطقة من الصراعات والفتن , وكانت تهدف من خلال هذا
التدخل إلى السيطرة على مافي الصومال من خيرات ومعادن , حتى يبقى هذا البلد
فقيرا تابعا للغرب الكافر , ذليلا منطرحا بين يديه .
لم تطل مدة بقاء أمريكا حين تصدى لها الأبطال ومرَّغوا كرامتها , وألصقوا
أنفها في الرغام , فخرجت منسحبة ذليلة بعدما صادرت كمية لا يستهان بها من
خيرات أرض الصومال المسلمة .
لكن أمريكا الصليبية لم يقنعها ماسرقته من خيرات أرض الصومال , ولم تكن
لتنسى تلك الصفعة المؤلمة التي تلقتها , فسعت جاهدة إلى لون من ألوان
الحروب السرية عن طريق الاغتيالات وتجنيد العملاء , مما فاقم الوضع في
الصومال , وقلب البلد إلى عصابات تقودها زعامات مجرمة هدفها مصالحها ولو
خربت البلاد برمتها .
لقد رأينا كيف كانت أمريكا تدعم كل زعماء الحرب وتجيش بعضهم لحرب بعض ,
وتجندهم ضد الشعب المغلوب على أمره , لكي لا يبقى في الصومال بيت آمن .
لقد سئم الناس هذا الوضع , وضاقوا بممارسات أمراء الحرب وزعماء الإجرام ,
وكرهوا عمالتهم المكشوفة المفضوحة , وكرهوا تصفياتهم لرجال البلد باسم
مكافحة الإرهاب , وكرهوا تسليم رجال الصومال بذريعة ( أتباع القاعدة ) ,
وكرهوا تعاقب طائرات العدو المروحية والتي تهبط كل لحظة لتحمل صيدا ثمينا ,
وقربانا يقدمه عملاء أمريكا .
لقد أحس التجار , والعلماء , وكل الناس أنهم قد يكونون في يوم من الأيام أحد من تهبط تلك الطائرات لنقله إلى جهة غير معلومة .
لم يكن أمام الناس من خيار إلا أن يقوموا بحماية أنفسهم , وتكوين جماعات تحافظ على أمنهم , ومن هنا كانت فكرة المحاكم الشرعية .
لقد كانت المحاكم الشرعية نواة مباركة لحماية الأعراض , والأنفس ,
والممتلكات , واستمرت مدة لا بأس بها , إلى أن تطاول زعماء وأمراء الحرب ,
وكثر شرهم , فكانت الانطلاقة التي نسأل الله تعالى أن يبارك فيها .
بدأت تلك المحاكم الصغيرة , ومن خلفها الشعب الذي عانى الويلات من زعماء
الحرب ومجرمي القبائل ,بدأت بالتكاتف مع بعضها , والالتفاف حول العقلاء
فيها وتطويق الخطر الذي يراد لها .
نعم لقد انطلقت المحاكم الشرعية رافعة راية الإسلام لتطهير البلد الممزق من
مجرمي الحرب وعصابات المافيا فيه , وكان لهم ما أرادوا بعد توفيق الله ,
وبدأ الناس يستقبلونهم بالترحاب , ويلوحون لهم بالأيدي , ويفتحون لهم
القلوب قبل الأبواب .
هنـــا
هنا أحست أمريكا بالخطر , حين أدركت أن جهدها في الصومال قد ضاع , وأنها
كانت تدعم من لا قيمة له , فأعلنت أن المحاكم فرع عن القاعدة , لكي تضربها
بعصا مكافحة الإرهاب , ونسيت مايسمونها الديمقراطيهم وحق الشعب في تقرير
المصير !
وبدأ أمراء الحرب المجرمون بالصراخ والاستنجاد , وأعلنوا أن الصومال على صفيح ساخن , وأن الإرهابيين يجتاحونه .
يا سبحان الله !!
الآن وبعد أن رفضتكم شعوبكم , وكرهت ممارساتكم , وبعد تلك الجرائم التي ارتكبتموها , تتباكون على الصومال من خطر الإرهاب؟
أين كان إرهابكم يا أعداء الفضيلة ؟.
أين كانت عمالتكم لراعي الإرهاب الأول أمريكا؟
لقد استبشر الناس بإرهاب المحاكم الشرعية المتمثل في حفظ الأمن , وتطبيق الشريعة , وكرهوا أمن الزعماء المتمثل بالقتل وسرق الخيرات .
لقد جاءت المحاكم الشرعية وتنازع فيها الناس إلى :
1 - أمريكا رأت فيها أنها حركة أصولية متطرفة ترعى الإرهاب , وتبع أمريكا في هذا من لا خيار له ولا مناص من الموقف الأمريكي .
2 - زعماء القبائل في الصومال ومن يرعى زعماء القبائل من دول الجوار , رأوا
في المحاكم سورا منيعا ضد فسادهم السابق , وقوة تتهاوى أمامها كل شعاراتهم
الفاسدة , ولذلك فهم يصنفونها بأنها عصابات مجرمة هدفها القتل والتدمير ,
وهذا على حد قول المثل القائل : ( رمتني بدائها وانسلَّت ) .
3 - من لا يعرف الصومال ولا يكثر التفكير فيه , فهو يراها امتداد للاقتتال الدائر في الصومال وليس ثمت ما يفرقها عن غيرها .
4 - من يعرف الصومال ويعرف مآسيها ومصائبها التي تعرضت لها , فهو يراها
نعمة من الله على أهل الصومال , حتى لو اتهمتها قوى الشر والعلمنة والفساد
بأنها مثال مصغر لطالبان , أو أنها امتداد للقاعدة .
ثم أما بعد :
فنحن من خلال ما نراه ونسمعه , نعتقد أن المحاكم الشرعية اليوم خير ما مرَّ على أرض الصومال , وأنها تحتاج منّأ إلى ما يلي :
1 - الدعاء لها بالتوفيق والنصر والتسديد , واستغلال الأوقات الفاضلة بالدعاء لها والتواصي بذلك .
2 - مناصحتهم بما نراه دينا مما يخالف منهج الشرع , ويتولى زمام ذلك
العلماء وطلاب العلم , لأنهم بحاجة ماسة إلى وقوف أهل العلم معهم ,
وتبصيرهم بما يشكل عليهم شرعا .
3 - الدفاع عنهم , وبيان حقيقتهم , وتفعيل قضيتهم .
4 - دعمهم بما يحتاجونه من معونات لترميم ما تعرضت له بلادهم من نكبات وويلات , وتلمس حاجاتهم ,
5 - الدعاء على أمريكا ومن حالفها لأنها أخطر عدو يواجهونه .
6 - الفرح بغلبتهم لأنهم سبب بعد فضل الله في حقن الدماء وتوطيد الأمن , وإهانة العدو المستبد .
تلك هي أبرز الواجبات علينا تجاه إخواننا في المحاكم الشرعية , والذين لم
نرى منهم ما يجعلنا نخذلهم , أو نتخلى عنهم , وهم والله أقرب إلى قلوبنا ,
وأصدق عندنا من حزب الات الذي أقيمت الدنيا , وأشغلت المجتمعات , وتعالت
الأصوات بالمطالبة بنصرته , والتحذير من خذلانه .
اللهم الغيث الغيث لهم اللهم خفف مصابهم ..وارحم مواتى المسلميهم وارحمهم برحمتك وعطفك ..
منقول