مع
نهاية الموسم الكروي يحين موعد التقييم للنتائج في مختلف المباريات
والمنافسات التي شاركت فيها الأندية
والمنتخبات العربية، وتتكرر نفس
السيناريوهات والتبريرات دون الوصول إلى الأسباب الحقيقية للإخفاقات
والنتائج المتواضعة، والأدهى والأمر أنك عندما تسأل السعودي عن الخروج
الجماعي للأندية من دوري أبطال
أسيا وإخفاق المنتخب في كأس أمم آسيا وكأس
الخليج يقول لك أن الامارتي والكويتي والقطري أخفقوا هم أيضا،
وعندما تسأل
الجزائري عن الخسارة برباعية أمام المغرب وإقصاء شبيبة القبائل ووفاق سطيف
من دوري أبطال
إفريقيا يقول لك ان المصري بطل إفريقيا كذلك لن يشارك في
نهائيات كاس أمم إفريقيا ومنتخبات تونس والسودان
وليبيا تتخبط في نفس
المشاكل والصعوبات، وكأن قدرنا نحن العرب أن نبقى نقارن بين بعضنا البعض،
ونعتقد بأن
المصيبة إذا عمت خفت.
تفكيرنا
التعيس وثقافتنا الانهزامية وعدم قدرتنا على الاستثمار في النجاح كما في
الفشل تبقى سمات تتميز بها
صحافتنا ومؤسساتنا الرياضية امتدادا لفشلنا في
التعامل مع الإخفاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية،
وعوض أن
نعتبر ونستفيد من إخفاقات بعضنا البعض نغرق في التجريح والانتقاد وندعو إلى
إعادة النظر في كل
شيء دون القدرة على التحليل والتقييم الموضوعي للأشياء
بعيدا عن الأنانية والروح الانتقامية.
الحملة
التي تشنها الصحافة الجزائرية على المنتخب بتواطؤ مع الانتهازيين
والانتقاميين تشبه إلى حد بعيد ما
يحدث في مصر والسعودية وكذا في تونس
والكثير من البلاد العربية ضمن مسلسل سئمنا من تكرار متابعته في
كل مرة
بنفس الوجوه والأبطال الذين يكررون اسطوانات نصائح ودروس سئمنا من سماعها
في كل مرة، ولم
يقدروا على تطبيقها في حياتهم المهنية كفنيين أو إعلاميين
مستغلين مشاعر الغلابة من الجماهير المسكينة العاشقة
لمنتخباتها ونواديها،
فجعلوا من الإخفاق سجلا تجاريا مربحا للمادة الإعلامية التي يسوقونها!!
صحيح
أن تكرار الفشل والإخفاق صارا ميزة الكرة العربية منذ مدة، والمقاربة
التي نعتمدها في كل مرة تتكرر
وتتشابه من زمان، وصحيح أن جماهيرنا سئمت من
التبريرات المتكررة والمتشابهة ولكن صحافتنا بتواطئها
وجهلها ساهمت بقسط
كبير في حالة التذمر والتعاسة التي تعيشها جماهيرنا، وساهمت في إنتاج
الإخفاق والتهليل
لأبسط الانجازات الكروية وجعلت من لاعبين ومدربين عاديين
مشاهير وأسماء من ورق تمزقها عند أول تعثر
وتمسح بها الأرض دون تحليل واقعي
ومنطقي لوضع كروي لا يختلف عن أحوالنا السياسية والاجتماعية
والاقتصادية
المزرية.
ما
جاء في الصحف الجزائرية مثلا من تجريح وإحباط وتحطيم للمعنويات بعد خسارة
المنتخب برباعية هو الأزمة
بعينها وليس الخسارة لأنها كانت منطقية أمام
منتخب مغربي كان أفضل بكثير، والصحافة ذاتها التي وصفت بن
شيخة بالجنرال هي
نفسها التي عادت لتقول عنه أن المنتخب أكبر منه، كما أن الصحافة ذاتها
التي جعلت من
لاعبين عاديين في أنديتهم نجوما في المجتمع الجزائري هي نفسها
التي طلعت علينا بعناوين تصفهم بالفاشلين
والمتخاذلين وراحت تحرض الجماهير
عليهم وتدعو إلى إعادة النظر في كل شيء، وتفتح صفحاتها لمدربين وفنيين
بطالين لم يجدوا أندية تنتدبهم راحوا يتفننون في إعطاء دروس في الوطنية
والمهنية وفي كرة القدم وكيفية التعامل
مع اللاعبين ومع المباريات.
أما
نظرائهم من المسؤولين في كل البلاد العربية فتجدهم يختفون وراء إخفاقات
أندية ومنتخبات عربية أخرى
ليقولوا ان أحوال كرتنا السيئة عامة وشاملة
وليست حكرا على بلد دون الآخر عملا بالمثل القائل "إذا عمت خفت".