خاص (يوروسبورت عربية)
قد ينظر البعض إلى المدير الفني باعتباره قائدا لنجاحات فريقه أو
ملهما لانتصاراته أو خبيرا في صناعة نجومه.. لكن أن ينظر إليه كـ"مخترع"،
فإن هذا لا يحدث إلا مع البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد.
فالمدرب البرتغالي الذي هبط من سماء الترجمة لا يكتفي فقط بتدريب
لاعبيه والرفع من مستواهم بشكل ملحوظ، ولا حتى بوضع الخطط والتكتيكات التي
تساعد فريقه على اقتناص الألقاب والبطولات فحسب.
أينشتاين الكرة بل أن مورينيو، برغم كل الاتهامات التي توجه إليه بالغرور، يعتبر
هو "أينشتاين" كرة القدم الحديثة، ففي كل مكان يتولى فيه مهمة التدريب، لا
يكتفي بتحقيق الألقاب والبطولات، بل يقدم طريقة لعب مستحدثة من عدم أو
مستوحاة من إحدى الخطط القديمة المنسية في كتب مدربي الستينات.
وكان آخر اختراعاته الناجحة والفعالة استخدامه المدافع ذي المهارات
الفنية المتواضعة بيبي، ليحول منه وحشا في وسط الملعب الدفاعي، وصخرة
تتحطم عندها الهجمات الكاتالونية قبل أن تشكل خطورة حقيقية.
وعن طريق "اختراع" بيبي، استطاع مورينيو أن يوقف انتصارات برشلونة
في كلاسيكو الإياب للدوري، ثم يتفوق عليه بجدارة لأول مرة منذ ست مواجهات،
وينال مكافأته الكأس الغائبة عن الملكي منذ 18 عاما.
مجرد صدفة؟ وإذا كان البعض كان يظن أن فوز الساحر البرتغالي بدوري أبطال
أوروبا مع بورتو كان بمحض الصدفة (ما ليس صحيحا على الإطلاق)، فإن تجربته
في تشيلسي أثبتت جدارته كمدرب عملاق رغم عدم حصوله على لقب دوري الأبطال،
ويعتبر هو المؤسس الفعلي لحامل لقب الدوري الإنكليزي والمسؤول عن البطولات
التي حصل عليها حتى بعدما رحل عن الفريق.
فقد وضع تشيلسي اختراعات المدرب البرتغالي تحت المجهر لأول مرة
بالنظر للاهتمام الذي تناله الكرة الإنكليزية بالمقارنة مع نظريتها
البرتغالية، ويمكن القول إن مورينيو غير الكرة الإنكليزي 180 درجة.
ثورة إنكليزية قبل مورينيو، كانت كل الأندية الإنكليزية تلعب بطريقة 4-4-2
بمشتقاتها المختلفة، لكن مدرب تشيلسي قدم لهم اختراعا جديدا يتمثل في طريقة
4-5-1 الغريبة تماما عن الأجواء الإنكليزية، وتلاها بالنسخة المطورة
4-3-3.
بل أن مورينيو زاد من إبداع اختراعاته الخططية، فكان يلعب بخمسة
لاعبي وسط دون جناح أيمن، فكان يلعب بالأيرلندي داميان داف كجناح أيسر وفي
الوسط فرانك لامبارد ومايكل إيسيان وتياغو وكلود مكاليليلي، إضافة إلى
المهاجم إيدور غوديونسن الذي حوله إلى لاعب وسط!
ودون الدخول في تفاصيل فنية عميقة، فإن الفترة التي قضاها مورينيو
مع تشيلسي في 2004-2006 كان أزهى العصور التكتيكية في كرة القدم
الإنكليزية.
إنجازات مذهلة مع إنتر وعندما انتقل مورينيو إلى إنتر ميلان الإيطالية، حيث أصل الكرة
التكتيكية في العالم، كان الخبراء يترقبون ما سيفعله المدرب البرتغالي في
بلد يعرف بتميزه التكتيكي، لاسيما على الصعيد الدفاعي مع فريق لم ينجح في
الفوز بالدوري ودوري الأبطال منذ زمن طويل (على أرض الملعب بالطبع).
لكن ما فعله مورينيو كان مذهلا، فاستطاع أن يضيف بعدا تكتيكيا
جديدا لإنتر ميلان بطريقة 4-1-4-1، إحدى النسخ المطورة من طريقة 4-5-1 التي
أعطاها المدرب البرتغالي شعبية هائلة، فباتت أحد الخطط المميزة في عالم
كرة القدم.
وكانت النتيجة واضحة للجميع، فنجح مورينيو في الفوز بالدوري ثلاث مواسم متواصلة، آخرهم شهد نجاحا تاريخيا بالفوز بالثلاثية.
ومرة بعد مرة، يثبت المدرب البرتغالي الذي لم يلعب كرة القدم على
صعيد المحترفين، أنك لا تحتاج لعقلية لاعب لتصبح من أعظم المدربين، بل
تحتاج إلى عقل "أينشتاين".. أو قل مورينيو.