عندما نريد تحرير أنفسنا من بعض ما يعلوها بين وقت وآخر من الهموم والأحزان
فإننا نلجأ لتذكر بعض أوقات بهجتنا وسعادتنا ،، ثم إننا نتذكر أن كل ليل
يعقبه نهار ،، وأن الفجر المشرق سيخرج قريباً لينير لنا ظلمات أنفسنا فتشرق
سعادتنا من جديد ،، وكأننا لم ندرك معنى السعادة الحقيقي إلا بعد تذوق
الحزن ،، فنشكر الحزن أحياناً على تذكيرنا بأهمية السعادة في حياتنا ..
إلا
أننا نغفل جانب مهم وهو أن السعادة غاية لا تدرك بالركض خلفها وليست
مستترة خلف الحزن فلا ترى إلا من خلاله أو خلفه فقط إنما يمكن عيشها فقط
لمن أدرك معناها الحقيقي .
السعادة ،، غاية نبحث عنها جميعاً ونسعى
جاهدين لإدراكها ،، فهناك من يقضي معظم حياته في جمع النقود والركض خلفها
لعله يدرك السعادة ،، وهناك من يرى أن سعادته الحقيقة في تحقيق ما تصبوا
إليه نفسه من شهرة أو سلطه أو مركز اجتماعي .
السعادة موجودة في
قلوبنا وفي عقولنا ولكن نحن من يحجبها بستار ثقيل نسميه (البحث) عن السعادة
فالسعادة لا تحتاج إلى بحث إنما تحتاج إلى من يعيشها فقط ،، فتذكر دوماً
أنه لا يوجد طريقة للعيش بسعادة فالطريق للسعادة هو أن تعيش السعادة نفسها
راضياً بها كفكرة وكمبدأ وكطريق تنطلق منه لتصل إليه ..
فصاحب المال
بعد أن يبلغ غايته سوف يصبح مهموماً مشغولاً بإبقاء هذا المال وتنميته
ومحاولة عدم نفاذه وضياعه لأنه يعتبره مصدر سعادته ،، فيكون بذلك مصدر
تعاسة لهذا المسكين .
ومن يسعى خلف الشهرة أو السلطة أو أي مركز
اجتماعي أخر ظناً منه أن السعادة في ذلك سيفاجأ أنه أضاع حياته بعد بلوغ
هذا المنصب في المحاولة للمحافظة عليه وحمايته من الزوال لتتكون لديه في
نهاية الأمر صورة محزنة وهي أنه لم يصب السعادة الحقيقة ..
فأين
السعادة إذا ،، السعادة هي هذه اللحظة التي تعيشها ،، السعادة لا يوجد لها
وقت أنسب من هذا الوقت ،، ولا يوجد لها مناسبة تحضرها فتكون سعيداً ،، ولست
أقصد بقولي هذا الفرحة العابرة التي تتشكل أثناء موقف معين وفي ظروف معينه
لتختفي بعد ذلك كأنها لم تأتي ،، إنما أعني السعادة الحقيقة التي يستطيع
الإنسان إطلاقها كصفة على حياته بشكل عام فيقول ( أنا سعيد في حياتي ) .