عبر وعظات
بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين: خطوة عن نفسه، وخطوة عن الخلق، فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس، ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله، فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصلة إليه.
صاح بالصحابة واعظُ: «اقترب للناس حسابهم» سورة الأنبياء، الآية: 24.
فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون « فسالت أودية بقدرها » .
تزينت الدنيا لعلي فقال: « أنت طالق ثلاثا لا رجعة لي فيك » . وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور للهوى جواز المراجعة. ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل، كيف وهو أحد رواة حديث: « لعن الله المحلل» ؟
ما في هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في نفسك، لا بد أن تجذبك الجواذب فاعرفها وكن منها على حذر، ولا تصرفك الشواغل إذا خلوت منها وأنت فيها, نور الحق أضوأ من الشمس، فيحق لخفافيش البصائر أن تعشو عنه الطريق إلى الله خال من أهل الشك ومن الذين يتبعون الشهوات، وهو معمور بأهل اليقين والصبر، وهم على الطريق كالأعلام «وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون» سورة السجدة، الآية: 24.