السلام عليك و رحمة الله تعالى و بركاته
مرة كان أحدهم على فراش الموت فأخذ يقول يا ليتها كانت كثيرة يا ليتها كانت الجديدة يا ليتها كانت كاملة فسألوا أولاده عن الذي يقوله الرجل فأجابوهم:
- أما عن قوله يا ليتها كانت كثيرة فكان له جارٌ أعمى و كان ياخذه في كل يوم إلى المسجد فعندما وجد ثواب هذا العمل عند دنو أجله قال يا ليتها كانت كثيرة أي ياليت هذه الخطوات التي خطاها برفقة جاره الاعمى كانت كثيرة لتكون حسنات هذه الخطى أكبر.
- أما عن يا ليتها كانت الجديدة فقالوا أنه كان لديه خفّين أحدهما قديم و الآخر جديد فتبرع بالقديم فعندما وجد ثواب هذا العمل عند دنو أجله قال ليتها كانت الجديدة فلو كانت الجديدة لكان الثواب أكبر وأعظم.
- أما عن يا ليتها كانت كاملة فقالوا أنه كان يتصدق في كل يوم بنصف رغيف فعندما وجد ثواب هذا العمل عند دنو أجله قال ياليت تلك الأرغفة كانت كاملة.
هذه القصة الرمزية تشعرنا بمدى أهمية عمل الخير وتعطينا معيارا دقيقاً لقياس ما نعمل فإن كانت من الأعمال التي تتمنى لقاء الله بها وتتمنى وأنت على فراش الموت لو أكثرت منها فهي أعمال خيرة أما لو كانت مما تخجل أن تلقى الله بها وتتمنى وأنت على فراش الموت لو لم تقم بها عندها عليك ان تراجع حساباتك وأن تتوب منها وتتجنبها وبذا تكون قد ملكت معياراً دقيقاً تتقي به الحرام والشبهات ويدفع عنك الحيرة تنفيذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)).
الإنسان بطبعه عجول فعندما يكون صغيرا يتمنى ان يكبر ويصبح شابا ليتمتع بالحيوية والقدرة ليفعل ما يريد وفي ذروة الشباب يتمنى لو تخطو به الأيام سريعا لينتهي من تأسيس حياته وأسرته وفي منتصف العمر يكاد لا يحصي النعم والارزاق التي يجريها الله له ولمن كان سببا في زرقه فياخذه الحال الدنيا ويتمنى طول العمر ليحقق مزيدا من المكاسب فإذا به يفاجأ بالشيب خط راسه والعمر قد انقضى والعاقل العاقل هو من حسب حساب الآخرة وسعى للجنّة سعيها ورجى رضوان الله وخاف عذابه وسخطه ومحركه في ذلك كله هو محبة الله تعالى. واذكر في النهاية أنه لا ينزل معك في قبرك لا مالٌ و لا بنون ولا أي من اللحظات التي قضيتها في متع وملذات الحياة الدنيا ولا يبقى لك إلا عملك الصّالح وفق المعيار الّذي يدلنا عليه الحديث الشريف والقصة المذكورة.
وجزا الله خير الجزاء كاتب الموضوع