عفوا سيدي...
لا أستطيع أن أكون غيري
أو ألبس ثوبا غير ثوبي
فأنا مجرد رجل بسيط يعشق الوضوح...
يحب مداعبة القلم بأنامله غير مكترث لكيفية سقوط الحروف على الورقة البيضاء ,
غير مهتم بزخرفتها و تلوينها
و اختيار المجوهرات بعناية فائقة كي تتناسب وفق ملابسها و ألوانها
لغتي تريد أن تفارق هذا العالم المملوء بالزخارف
و التهاويل
و الغموض المريب .
تريد أن تطير إلى أفق طاهر
نقي صاف
مترقرق تتكاشف فيه و تتراءى بكل وضوح ..
دون أن أعكر صفو المعاجم و أقلق بعبثي منام الغريب .
لغة تشبه في جمالها و حسنها و بساطتها و طهارتها ورقتها و عذوبتها
ذلك الأفق الجميل
الذي تسبح فيه أفكارنا
و تطير في أجوائه متخيلاتنا
فنكون كالكواكب الهائمة في أجواز الفضاء
نتحدث بلسان الضوء و نتناجى بلغة الأثير .
عفوا سيدي
فأنا أبحث عن لغة تحمل المحبة و الصدق و تتغلغل إلى القلوب دون استئذان...
تشق طريقها بعيدا في وجداننا ...
تدثر لهفتنا و تقوي أواصر المحبة بيننا
و ترخي لنا رداءها لنجلس جميعا عندها صغيرنا و كبيرنا
و تَلفُنا كما يُلّفُ الزمرد في قطعةٍ من حرير .
لغتي تريد العيش بين البسطاء
دون أن تُكلّفَهُم مشقة فك رموز الدهشة ..
دون أن تغرقهم في غموض المعنى و ضبابية القصد..
دون أن تُرهِقهم فيكرهونها أو تتعرى أمامهم فيبغضونها ..
تصافح تساؤلاتهم و لا تصفعهم بإجاباتها..
لغة تجالسهم و تفهم حوارهم و همومهم اليومية..
تعانق واقع معيشتهم و تسير بجوارهم في الشوارع
و تجلس إليهم في المقاهي..
ترتشف بساطة أحلامهم
و تغدق عليهم ببعض الجمال الذي يمكن أن تهضمه أذواقهم ..
لا أن تكون كنقوش و زخارف بمنمنمات تطغى عليها الأشكال و الألوان .
لغة تؤمن بإبداع اللفظ لا تقديسه
و تقديم المعاني من خلاله لا قبضها وفق منظور الذات..
لغة تحترم القارئ لا أن تقذفه في متاهات الغموض .
عفوا سيدي
فلست أؤمن بنظريات الغربيين أو أنهل من أفكارهم
و أقدمها كأدلة و براهين ,
بل أستمد ثقافتي من واقع رغيفي و ملاحظاتي اليومية
و ما أراه من يقين ...
مما راق لي