التكوين عن بعد أم الغش عن قربهذه العبارة سمعتها من أحد مديري مراكز امتحانات التكوين عن بعد ، تلفظ بهذا الحكم القاسي بسبب هول ما لاحظه من تحركات غير طبيعية في الأقسام أثناء الامتحان .. تحركات كلها امتهان لصورة المربي و المعلم ، تحركات غاية في حرفية الغش ، الغش العلني المنظم المتفق حوله..
في البداية انتفظت فرائيسي و تقززت من هذه النظرة القبيحة للمعلم ، و اعتبرتها إهانة له ، وهو عندي أجل و أكبر من ذلك .
لكن بعد سماعي لتحاليله ، و بعد سماعي لانطباعات بعض المعلمين المنسحبين من الامتحانات أو الاختبارات عرفت أن الأمر يتعلق بكل فنون الغش ، و علمت أن المنسحبين شرفاء و أصحاب مبادئ لم يقووا على مخالفة عقولهم و ضمائرهم من أجل أن ينتقلوا أو يحصلوا على شهادات بهذا الشكل ، كيف ذلك و هم الذين يدرسون في التربية الإسلامية ، و التربية المدنية ، و التربية الخلقية : النزاهة ، الصدق ، الجد في العمل ، حرمة الغش...
أليس للغش وجه واحد ، و صورة واحدة ؟ أليس الغش إخواني من جنس واحد ، ومن فصيلة واحدة ؟
ألم يقل فيه معلمنا
سلم : (من غشنا فليس منا) حديث رواه البخاري ، وما أدراك ما البخاري في رواية الحديث .
هذا الحديث عام لكل شيء يقع فيه الغش لا يختص بالبيع والشراء ولا يختص بالعقود بين الناس إنما هو عام في كل شيء تبرأ النبي
سلم ممن غش، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .
إن ظاهرة الغش إخواني المعلمين و أنتم أدرى من غيركم بالموضوع بدأت تأخذ في الانتشار بل و تعم و بشكل رهيب ، ليس على مستوى المراحل الابتدائية أو التعليم المتوسط فحسب، بل تجاوزتها إلى الثانوية و الجامعة. فكم من طالب قدم بحثاً ليس له فيه إلا الاسم ؟
وكم من طالب قدّم مشروعاً و لا يعرف شيئا عما فيه ؟
ولا نبالغ حينما نقول: إن ظاهرة الغش قد تسرّبت حتى عند بعض المدرسين والمراقبين و المديرين .
أخي أرجو ألا تكون واحدا منهم.
أسباب الغش عند هؤلاء حسب رأيي .أولا: قناعات المعلمين .1. اعتبار أن الامتحانات شكلية لا غير.
2. القناعة بأن العملية مجرد إجراء لترقية إدارية.
3. انعدام التكوين المنظم من قبل مديرية التربية ، مصلحة التكوين.
4. الانقطاع عن الدراسة لمدة طويلة.
5. تفشي الظاهرة عند الكثير.
6. عدم تدخل الجهة الوصية لمحاربة الظاهرة.
7. عدم النهي عن ذلك من طرف الحراس.
8. الاستفادة من الاعتمادات المخصصة أكثر من 70.000دج للفرد ( تكلفة الوثائق ، الإطعام ، الإيواء ، و تصحيح الأوراق) ، حق لا ينبغي التفريط فيه .
9. التصور الشائع عن أن الوزارة تريد التخلص من معلم المدرسة الابتدائية ، و ترقيته إلى أستاذ المدرسة الابتدائي.
10. أسباب أخرى متنوعة لا تعتبر العملية غشا..
ثانيا : أسباب أخرى (مقتبسة من المراجع التالية :1.نصائح في الاختبارات، للشيخ ابن عثيمين.2. للطلاب فقط، محمد العبدلي.3- الغش في الاختبار خيانة وانهيار،أحمد بن حسن كرزون.): يمكن إجمالها في العناوين التالية : -
1. ضعف الإيمان أو التفسير الديني الخاطئ .
2. ضعف التربية : انعدام النصح أو التذكير بحرمة الغش.
3. تزيين الشيطان: صعوبة الأسئلة ، ولا سبيل إلى النجاح بالغش.
4. الكسل وضعف الشخصية، إن الغش هو حيلة الكسول، وهو طريق الفاشلين.
الخوف من الرسوب:الغش كسبيل للنجاة.
نتائج و آثار الغش:
1. تأخر الأمة، و ذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم .
2. إن الغاش الذي سيتولى منصباً سوف يمارس غشه للأمة، بل ربما علّم طلابه الغش.
3. إن الذي يغش سوف يرتكب عدة مخالفات منها السرقة، والخداع، والكذب..
4. إن الوظيفة التي يحصل عليها بهذه الشهادة المزوّرة، أو التي حصل عليها بالغش سوف يكون راتبها حراماً، و أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
تذكّر و أنت الذي تعلم و تدري و تعرف أن الشهادة التي تحصل عليها والتي سوف تتوظف بها هي شهادة مزوّرة، وبالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراماً.سوف يكون مالك من حرام، وسوف تغذي أبناءك بالحرام، وزوجتك بالحرام.
عليك أن تراقب الله قبل كل شيء، وأن تعلم أن روحك التي بين جنبيك بيد الله، أنفاسك التي تتردد في صدرك هي بيد الله، فاتق الله ولا تجعل الله ينظر إليك وأنت تعصيه.
• أخي الفاضل أرجو ألا يضيق صدرك بهذا المقال بالدواء المؤلم أنفع من السكوت عن المرض.
• هل تحب أن يساء للمعلم؟ و أنت تعلم مقدار التنكيت عليه في كل المجالس.
• هل تحب أن تعطي صورة أخرى عن نفسك مغايرة لتلك التي يقدرك فيه المتعلمين و التلاميذ.
• هال تحب أن تكون من الذين يقولون خلافا لما يفعلون ..
• إن كانت إجابتك بنعم فأقترح عليك أن تعيد النظر في وظائف التقويم و أهميتها.