فضيلة/ الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن اختصار كتابة الصلاة على النبي
سلم بهذه الطريقة غير مشروع، كما نص على ذلك أهل العلم قديماً
وحديثاً، وممن نص على ذلك وفصله تفصيلاً جميلاً، ونقل فيه أقوال أهل العلم الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى، وإليك نص ما كتبه في
ذلك:
(الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أرسل الله رسوله محمداً صلى الله
عليه وسلم، إلى جميع الثَّقَلَيْن بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً
منيراً، أرسله بالهدى والرحمة ودين الحق، وسعادة الدنيا والآخرة، لمن آمن به وأحبه
واتبع سبيله
سلم، ولقد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة،
وجاهد في الله حق جهاده، فجزاه الله على ذلك خير الجزاء وأحسنه
وأكمله.
وطاعته
سلم، وامتثال
أمره، واجتناب نهيه من أهم فرائض الإسلام، وهي المقصود من رسالته، والشهادة له
بالرسالة تقتضي محبته، واتباعه والصلاة عليه في كل مناسبة، وعند ذكره، لأنَّ في ذلك
أداء لبعض حقه
سلم، وشكراً لله على نعمته علينا بإرساله صلى الله
عليه وسلم.
وفي الصلاة عليه
سلم،
فوائد كثيرة منها:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى،
والموافقة له في الصلاة عليه
سلم، والموافقة لملائكته أيضاً في ذلك،
قال الله تعالى : { إن الله وملائكته يُصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلَّوا
عليه وسلِّموا تسليماً }
- ومنها أيضا مضاعفة أجر المصلي عليه،
ورجاء إجابة دعائه، وسبب لحصول البركة، ودوام محبته
سلم، وسبب هداية
العبد وحياة قلبه، فكلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه، حتى لا
يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به.
كما أنه صلوات الله وسلامه عليه رغَّب
في الصلاة عليه بأحاديث كثيرة ثبتت عنه، منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله
سلم قال : « من صلى عليَّ واحدة صلى الله
عليه بها عشراً » .
وعنه رضي الله عنه أيضاً أن رسول الله
سلم قال : « لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا
علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم » .
وقال
سلم : « رغم أنفُ
رجل ذُكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ ».
وبما أن الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم مشروعة في الصلوات في التشهد، ومشروعة في الخُطب والأدعية، والاستغفار،
وبعد الأذان، وعند دخول المسجد، والخروج منه، وعند ذكره، وفي مواضع أخرى، فهي تتأكد
عند كتابة اسمه في كتاب، أو مؤلف، أو رسالة، أو مقال أو نحو ذلك، لما تقدم من
الأدلة، والمشروع أن تكتب كاملة تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به، وليتذكره القارئ
عند مروره عليها، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة والسلام على رسول الله
سلم على كلمة (ص) أو (صلعم)، وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها
بعض الكتبة والمؤلفين، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه
العزيز بقوله: { صلوا عليه وسلموا تسليماً }
مع أنه لا يتم بها المقصود، وتنعدم
الأفضلية الموجودة في كتابة (
سلم) كاملة، وقد لا ينتبه لها القارئ،
أو لا يفهم المراد بها، علماً بأن الرمز لها قد كرهه أهل العلم وحذَّروا منه
فقد قال ابن الصلاح في كتابه (علوم
الحديث) المعروف بمقدمة ابن الصلاح، في النوع الخامس والعشرين من كتابة الحديث
وكيفية ضبط الكتاب وتقييده، قال ما نصه:
(التاسع: أن يحافظ على كتابة الصلاة
والتسليم على رسول الله
سلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند
تكرره، فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك فقد
حُرٍم حظاً عظيماً. وقد رأينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء
يثبته لا كلام يرويه، فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية، ولا يقتصر فيه على ما في
الأصل.
وهكذا الأمر في الثناء على الله
سبحانه عند ذكر اسمه، نحو عز وجل، وتبارك وتعالى، وما ضاهى ذلك... إلى أن قال: ثم
ليتجنب في إثباتها نقصين:
أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورة رامزاً
إليها بحرفين، أو نحو ذلك.
الثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بألا
يكتب وسلم، وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت
أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه، ولا أكتب وسلم، فرأيت النبي
سلم
في المنام، فقال لي: مالك لا تتم الصلاة علي؟ قال: فما كتبت بعد ذلك صلى الله عليه
إلا كتبت وسلم... إلى أن قال ابن الصلاح: قلت: ويكره أيضاً الاقتصار على قوله (عليه
السلام) والله أعلم). انتهى المقصود من كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ
ملخصاً.
وقال العلامة السخاوي ـ رحمه الله
تعالى ـ في كتابه (فتح المغيث في شرح ألفية الحديث) للعراقي ما نصه: ( واجتنب أيها
الكاتب (الرمز لها) أي الصلاة والسلام على رسول الله
سلم في خطك،
بأن تقتصر منها على حرفين، ونحو ذلك، فتكون منقوصة صورة كما يفعله (الكسائي)،
والجهلة من أبناء العجم غالباً، وعوام الطلبة، فيكتبون بدلاً من
سلم
(ص) أو (صم) أو (صلعم)، فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتاب خلاف
الأولى).
وقال السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ في
كتابه (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي):
( ويكره الاقتصار على الصلاة أو
التسليم هنا، وفي كل موضع شرعت في الصلاة، كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى : {
صلوا عليه وسلموا تسليماً } ... إلى أن قال: ويكره الرمز إليها في الكتابة بحرف أو
حرفين، كمن يكتب (صلعم) بل يكتبهما بكمالهما). انتهى المقصود من كلامه ـ رحمه الله
تعالى ـ ملخصاً.
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب، أن
يلتمس الأفضل، ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه، ويبتعد عما يبطله أو
ينقصه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا
جميعاً إلى ما فيه رضاه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله
وصحبه).
انتهى كلام الشيخ ابن باز رحمه الله .
والله أعلم.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مما راقني