السؤال
قرأت
فتوى لسيادتكم بعنوان لا تعارض بين الأدلة الثابتة، وكانت بخصوص
الاستمناء، وقلتم إن كلا من قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، وقاعدة ارتكاب
أخف الضررين لدفع أعظمهما يستمدان من القرآن والسنة، ولكن حضراتكم
لم تذكروا الدليل من القرآن والسنة، ولم تذكروا سيادتكم آيات قرآنية ولا
أحاديث نبوية. فأرجو من سيادتكم الدليل من القرآن ومن السنة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الدكتور/ عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف، في أطروحته للدكتوراه (القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير):
القاعدة التاسعة عشرة: "الضرورات تبيح المحظورات" هذه القاعدة هي إحدى
القواعد الكلية الفرعية؛ فقد أدرجها بعض العلماء تحت قاعدة "الضرر يزال"
وبعضهم تحت قاعدة "المشقة تجلب التيسير" أو تحت قاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع"
... وبمعناها قول ابن القيم وابن سعدي: لا واجب مع عجز، ولا حرام مع ضرورة
اهـ. ثم ذكر أدلة ثبوتها وهي:
أولا: ما ورد من الآيات والأحاديث دالا على أن للمضطر حكما يخالف غيره، وأنه يباح له ما لا يباح لغيره، ومن ذلك:
1) قول الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
2) وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
3) وقوله سبحانه: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}.
4) وقوله عز وجل: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
5) وقوله سبحانه: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
6) من
السنة ما رواه جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلا نزل الحرة ومعه أهله
وولده، فقال رجل: إن ناقة لي ضلت فإن وجدتَها فأمسكها فوجدها فلم يجد
صاحبها، فمرضت، فقالت: امرأته انحرها. فأبى فَنَفقَت، فقالت: اسلخها حتى
نقدّد شحمها ولحمها ونأكله. فقال: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأتاه فسأله، فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا. قال: "فكلوها". قال: فجاء
صاحبها فأخبره الخبر. فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك. رواه أبو
داود وحسنه الألباني.
ثانيا:
عموم الأدلة التي تدل على يسر الشريعة أصلا، وعلى التخفيف عند وجود العذر
الطارئ، ومنها: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا
يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقوله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى
سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ
النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}.
ثم
قال: هذه القاعدة من القواعد المتفق عليها، فقد نص عليها الفقهاء من
المذاهب الأربعة في كتب القواعد وفي كتب الفروع، وصرّح الشيخ السعدي
بالاتفاق عليها، كما نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على إباحة الميتة
للضرورة، وهي إحدى مسائل هذه القاعدة اهـ.
وأما قاعدة ارتكاب أخف الضررين، فقد ذكرها الدكتور مفصلة قبل ذلك، فقال: القاعدة الرابعة: إذا تزاحمت المصالح أو المفاسد روعي أعلاها، بتحصيل أعلى المصالح ودرء أعلى المفاسد اهـ.
ويمكن للسائل مراجعة ذلك في أصل الكتاب، وهو متوفر في موقع مكتبة المدينة الرقمية: http://www.raqamiya.org
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 27000 ذكر القواعد الخمس التي اتفق عليها علماء الفقه والأصول، ومنها قاعدتي: الضرر يزال. والمشقة تجلب التيسير.
وراجع في حكم الاستمناء وعلاقة ذلك بالضرورة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 131002، 130812، 121913.
والله أعلم.
اسلام ويب