نكتفي بالمتابعة عن بعيد.. نكتفي بالمشاهدة الممتعة لمباريات المونديال.. ربما نعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء.. نعود لنقرأ الفاتحة على روح منتخبنا الذي غادر من الدور الأول.. لكن الأكيد أن العبر والنتائج لا تظهر في هذه الفترة، لأن القرارات الصائبة لا تخرج من رحم النشوة والأسى.. لا تخرج إلا في لحظة تفكير عميق فيما حدث.. ندرس المسيرة والمشوار بعيدا عن تسييس الكرة وبعيدا عن اللعب بعواطف الشعب المغبون.
المسيرة الخضراء في التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأسي إفريقيا والعالم جاءت ايجابية بحكم الأرقام.. سجل الهجوم 10 أهداف.. وتلقى الدفاع 4 أهداف.. والمحصلة تأهل أعاد الكرة الجزائرية إلى واجهة الأحداث قاريا ودوليا.. لكن المسيرة لم تتواصل رغم النتيجة المحققة في" الكان" بالحلول في المركز الرابع.. لأن النتيجة لا تعبر عن المستوى المتواضع الذي ظهر به الخضر في الكأس الإفريقية عدا مباراة كوت ديفوار التي لا يجب أن تكون المقياس، لأن مشوار المنتخبات والأندية لا يقاس على مباراة أو مباراتين، وهو الشيء الذي حدث في المونديال، حيث لعب رفاق مطمور مباراة جيدة إلى حد ما أمام الإنجليز، وخرجوا بنفس الحصيلة التي حققوها في مونديال مكسيكو أي نقطة واحدة من ثلاث مباريات بعد تعادل وهزيمتين.
استعراض نتائج المنتخب الوطني في هذه الصورة الملخصة لا يجب أن يأخذ البعد التشاؤمي ولا اتجاه التفاؤل المفرط، لأننا نتحدث على كرة القدم التي أصبحت علما يكاد يكون دقيقا، ومن الواجب توخي الحذر في الحكم والتقييم إذا أردنا الوصول إلى بناء منتخب قوي يعبر عن آمال الشعب وينسيهم هموم الغبن في الحياة اليومية.
السلبيات في المنتخب أكثر من الإيجابيات، لكن المفرح أو الباعث على التفاؤل بمستقبل أفضل هو تشكيل نواة لمنتخب قوي بشرط أن يجد الرعاية السليمة من المسؤولين وهنا يجب أن نحدد مبادئ الرعاية على أسس كروية وليس لدوافع سياسية تهدف إلى استغلال المنتخب في مناح أخرى ليس لها علاقة بالرياضة أو بالكرة على وجه الخصوص، كما أن الرعاية لا تعني بالضرورة توفير الإمكانات المادية بقدر ما تعني توفير الجو الملائم للعمل بعيدا عن تدخلات الدخلاء والغرباء والطامحين إلى كسب معارك شخصية مالية أو حتى في مواقع أخرى لا يتسع المجال لذكرها في هذه المساحة.
لست مؤهلا لإسداء النصيحة التقنية، ولست مؤهلا للحديث باسم ملايين الجزائريين العاشقين لكرة القدم والمنتخب الوطني، لكني أدعوكم للتفكير بصوت مرتفع في ما وصلنا إليه حتى نقضي على عبارات اليأس ونبعث كلمات الأمل الحقيقي.. الأمل المبني على العمل.. الأمل المبني على الصدق مع الذات قبل التفكير في رأي الحاقدين والشامتين.. الأمل الذي يؤدي بنا إلى الاعتراف بأخطائنا وكم هي كثيرة.. الأمل الذي يدفع بنا إلى التفكير في المستقبل عن وعي وبضمير مهني.. كل منا في مكانه.. الأمل الذي يلغي المبالغ.. ويلغي المغالطة والمصادرة عن المطلوب.. الأمل الذي يصدق الشعب ويهديه الحقيقة ولا يتلاعب به مقدما له الأكاذيب التي تخدم مصلحة أشخاص يريدون أن يركبوا الموجة ويقدموا أنفسهم سفراء فوق العادة لحماية مصالح الأمة.
آخر الكلام: خيط الأمل رفيع وخيط التشاؤم قد يصبح سميكا وبين الخيطين شعرة رفيعة بين أيدي المسؤولين وصناع القرار.. والشعب المسكين رهينة لحماة الرداءة والتطبيل لأسيادهم.