في رحاب آية
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}
لما بيَّن تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه المستقل بالخلق، شرع يبين أنه الرزاق لجميع خلقه،
فذكر في مقام الامتنان أنه أباح لهم أن يأكلوا مما في الأرض، في حال كونه حلالاً من اللّه طيباً أي مستطاباً في نفسه،
غير ضار للأبدان ولا للعقول، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان، وهي طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه،
مما كان زينه لهم في جاهليتهم، كما في حديث عياض بن حمارعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال:
(يقول اللّه تعالى إن كل مال منحته عبادي فهو لهم حلال - وفيه - وإني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين
فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم) "رواه مسلم ومعنى "اجتالتهم": صرفتهم عن الهدى إلى الضلالة.
وقوله تعالى: {إنه لكم عدو مبين} تنفير عنه وتحذير منه، كما قال: {إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوا}
قال قتادة والسُّدي: كل معصية للّه فهي من خطوات الشيطان.
وقوله: {إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}
أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه،
وأغلظُ من ذلك وهو القول على اللّه بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضاً