أحكام الآنية وثياب الكفار
الآنية : هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره ،
سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك .
والأصل فيها : الإباحة
، قال الله -تعالى-: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة: 29] ،
وقال تعالى : وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ [الرحمن:10]
فيباح استعمال واتخاذ كل إناء طاهر .
مسألة : إناء الذهب والفضة ، والإناء الذي فيه ذهب أو فضة ،
طلاءً أو تمويهاً أو غير ذلك من أنواع جعل الذهب والفضة في الإناء ،
فاستعماله في الأكل والشرب ، أو اتخاذه لذلك محرَّم ،
ما عدا الضبَّة اليسيرة من الفضة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه فلا بأس .
ودليل تحريم إناء الذهب والفضة قوله في حديث حذيفة :
(( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ))
متفق عليه .
وقوله في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- :
(( الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم )) متفق عليه .
والنهي عن الشرب يتناوله خالصاً أو مجزًا ، فيحرم الإناء المطلي ، أو المموه بالذهب أو الفضة ،
أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة ، ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة ،
وهي ما يجمع بين طرفي الإناء المنكسر ، أو يسد ثلمة ، أو خرقاً فيه ،
بدليل حديث أنس بن مالك :
(( أن قدح النبي انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسة من فضة )) رواه البخاري ،
وقد اُختُلِف فيمن إتخذ هذه السلسة هل هو النبي أو أنس بن مالك ؟
وقد حُكي الإجماع على جواز الضبة اليسيرة .
وتحريم الاستعمال والاتخاذ للأكل والشرب يشمل الذكور والإناث ؛
لعموم الأخبار وعدم المخصص ، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج .
مسألة : وأما استعمال آنية الذهب والفضة ، في غير الأكل والشرب ،
أو اتخاذها لغرض من الأغراض دون مباشرتها بالاستعمال ، ف
موضع خلاف بين أهل العلم ، والأحوط تركه .
آنية الكفار : تباح آنية الكفار التي يستعملونها ما لم تعلم نجاستها ؛
لأن النبي أكل من طعام اليهود في آنيتهم ، فإن علمت نجاستها فإنها تغسل وتستعمل بعد ذلك .
جلود الميتة : يحرم استعمال جلود الميتة إلا إذا دبغت فتطهر ،
ويجوز استعمالها بعد الدبغ إلا جلود السباع فلا يجوز استعمالها ؛
وإنما جاز ماعدا جلود السباع ؛ لورود الأحاديث الصحيحة بجواز استعماله بعد الدبغ ،
ولأن نجاسته طارئة ، فتزول بالدبغ ،
كما قال النبي في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -:
(( يطهره الماء والقرظ )) رواه أحمد والدارقطني ،
وقوله في حديث عائشة - رضي الله عنها -:
(( طهوركل أديم دباغه )) رواه الدارقطني ،
وقال : "إسناده كلهم ثقات" ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا :
(( أيما إهاب دبغ فقد طهر )) رواه مسلم .
مسألة : لا يجوز استعمال جلود السباع ؛ لنهي النبي عن ركوب جلود النمور ،
رواه أحمد ، وأبو داود .
ثياب الكفار : تباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها ؛
لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك ، ويباح ما نسجوه أو صبغوه ؛
لأن النبي وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه ، والله تعالى أعلم .