لبسم الله الرحمان الرحيم
اما بعد:
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) [مريم] هذه الآية كان عدد من السلف إذا قرءوها بكوا بكاءً شديداً، [كان عبد الله بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته؛ فبكى فبكت امرأته، فقال: ما يبكيكِ؟ فقالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ) فلا أدري أأنجو منها أم لا ؟ ]
وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: "ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل: ما يبكيك يا أبا ميسرة ؟ قال: أخبرنا أنَّا واردوها، ولم نخبر أنَّا صادرون عنها"، قطعاً أنا واردون جهنم ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) لكن ليس عندنا شيء يثبت لكل واحد منا أنه سينجو منها.
وعن الحسن البصري قال: قال رجل لأخيه كان يكثر من الضحك : هل أتاك أنك واردٌ النار؟ قال: نعم. ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) قال: فهل أتاك أنك صادر عنها ؟ قال: لا. قال: ففيم الضحك ؟!
قال الحسن البصري أيضا : احذر الدنيا فإنه قلّ من نجا منها وليس العجب لمن هلك ..كيف هلك ؟ و لكن العجب لمن نجا ..كيف نجا ؟! فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة و إلا فإني لا أخالك ناجيا .ورغم هذا فالدنيا كلها :أولها و آخرها ما هي إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه !!!